طاووس البلدان!
دليلة حياوي
أتاني زميل من أرض الكنانة مستنكرا في حلة مستفسر عن جديد العدل والحريات ببلدي يوميْ 30-31 يوليو -عيد العرش والبيعة-.. وحيث أنني شممت شواظ قناة الجزيرة الباثة للفتنة وراء خلفيته المعرفية.. استجمعت كل القوى المشاكسة بداخلي وبادرته:
– فيما حقدكم علينا؟
– لأنكم أشباه غربيين!
– هل السبب بشراتنا البيضاء أو القمحية الصافية وقدودنا الممشوقة بدون بطون وأرداف؟
– بل لأنكم لا تشاركوننا مآسينا!
– تلوموننا لأن أجدادنا بواسل والإمبراطورية العثمانية لم تهنأ باحتلالنا يوما؟
– أقصد قضايا الأمة الحديثة!
– لجنة قدس وترأسنا!.. مؤونات غذائية وأرسلنا!.. قمم واستضفنا!.. تصدعات ورأبنا!.. تجريدات عسكرية وبعثنا!.. مستشفيات في الصحارى وأقمنا!.. شهداء بسيناء والجولان ودفنا!.. مقاومة احتلال أجنبي دام قرنا ونصف لدى الجيران وموّلنا!.. هبات وعطايا وقدمنا!.. ولغة ودينا وعمرانا بحكم الموقع الجغرافي وحفظنا!.. فماذا تريدون أكثر؟
– علاقتكم باليهود.. حتى جمعياتكم الثقافية تطبّع معهم!.. حتى انتخاباتكم تمنحهم فرصة الانتخاب والترشيح!
– بلدنا قطع فراسخ وأذرعاً صوب الديموقراطية! وإذا كنت تجهل فاعلم.. أن النسيج العقائدي المغربي مشكّل من الإسلام واليهودية.. لكن لا سفارة صهيونية لدينا!
– ومع ذلك لم تسقطوا الجنسية عن الجنرال الإسرائيلي من أصل مغربي “موشي دايان”.. الذي نكّل إبان النكسة بجنودنا!
– أنتم وغيركم قبلها بسنوات في حرب الرمال نكّلتم بنا مدنيين وعسكريين بمساندتكم لشوكة خصرنا-البلد المجاور- الذي اعتدى ولا يزال على حدودنا!.. ورئيس خُلع حديثاً كان أسير حرب لدينا هو وطائرته!.. ومع ذلك أُرضِعنا العفو والمغفرة لأننا كرام!
– أتينا لنحرركم من الملكية!
– ملكيتنا رباط روحي ديني ودنيوي..
– لكم تضحكني مسرحية البيعة السنوية لأمير مؤمنين لم نختره وتفرضون علينا إمارته!
– ولكم يبكيني الخواء الأشبه ما يكون بالخوار كالذي أسمع!.. البيعة ميثاق سنوي يتجدد ما بيننا وأمرائنا ولا يخص غيرنا.. أو لسنا زمرة مؤمنين سنيين مالكيين؟.. أو ليست لدينا رقعة أرض خاصة بنا؟.. أو ليس لنا الحق في جعلها إمارة وذاك أميرها ابن من كان أميرها وحفيد من كان أميرها وسيكون والد أمير أبنائنا وجدّ أمير أحفادنا بها.. فما شأنكم أنتم؟.. ألم نعلن استرجاع سيادتنا واستقلالنا منذ أزيد من 12 قرنا مسجلين بذلك تنازلا لا رجعة فيه عن “شرف” مقاسمة تعاقب المتحضرين والمتوحشين من سلاجقة وتتر ومغول ومماليك و… هلمّ جرّا..
غاب الزميل عن ناظري.. وحلت محله ذكرى جدي ورفاقه من رعيل المراكشيين الحافظ والمحافظ على كل ما هو بديع في المدينة.. أدبا وفنا وتقوى وصلاحا.. والذين كانوا يتداولون مباهاة وفخرا حيثيات قصص علقت بذاكرتي حين كنت أسترق السمع لأحاديثهم في الصغر واقفة خلف الستارة المنسدلة على باب قبة الضيوف.. أو متربعة بدكة نافذة القبة نفسها المشرفة على فناء البيت.. حتى أُحمَلُ حَمْلا على الذهاب إلى النوم بعد أن تتجمد أطرافي شتاء.. أو يرتطم رأسي بالشباك الحديدي من العياء والسهر صيفا.. ولطالما آثرتُ نوادر سمرهم على السلسلات التلفزيونية آنذاك.. كالمرأة الخارقة.. الرجل الخفي أو ستارتريك.. ومن بين سردهم المحبب.. كانت قصة شاعر الحمراء محمد بن إبراهيم المراكشي وأحد أدباء بلاد الكنانة الظرفاء.. وقد قضى جدي وأصحابه نحبهم دون أن يحددوا ما إذا كان الأديب المعني هو عبد القادر المازني أو الشاعر حافظ إبراهيم.. حيث أنه في أواخر الثلاثينات بداية الأربعينات من القرن الماضي.. وأثناء زيارة شاعرنا للقاهرة.. أقيم له احتفاء.. وأوكلت مهمة إلقاء الكلمة الترحيبية إلى أحد الأديبين المذكورين الذي لم يتورع عن وصف الوطن العربي بالطائر.. جناح بالشام وجناح باليمن.. والرأس بالعراق والنحر بالحجاز.. والقلب بمصر.. بينما الذيل بالمغرب.. ليرد شاعر الحمراء موافقا بل مؤكدا على وصف الأديب قائلا: “الوطن العربي فعلا طائر.. طائر الطاووس.. وأجمل ما فيه ذيله!”
وكل عيد عرش وحدودك مصانة يا مغربي يا طاووس البلدان!..
dhiaoui@yahoo.fr
عبد الله المعاوي
قطتى صغيرة واسمها دليلة ، بهذه القطعة الشعرية البسيطة كنت أهدهد ابنة أختي وأداعب خيالها بحكايات عن الذئب الذي اغتال ليل ليلى .وكبرت دليلة وكبرت الحكاية في مخيلتها وكبرت الكلمة دفاع عن الدار التي حبت فيها .وكم من قطة في بلدي صارت نمرة . بفخر ابنةأختي أرحب بك في زاوية النمرات اللائي صنعن مجد بلدي : زينب النفزاوية وولادة ابنة المستكفي وفاطمة الزهراء المراكشية .أفتخر بدليلة راسمة البسمة على وجه وضاح في ليل الغجرية .وصانعة الشرف أنت بنت القاع والباع والثورة والغيرة المغربية.. باسقة أنت دائما كالنخلة الصحراوية. معذور محاورك الشرقي لم يك يدري بأنك حفيدة يوسف ابن تاشفين وجدتك هي زينب النفزاوية.
عبد الله المعاوي أستاذ بجامعة القاضي عياض مراكش