انت هنا : الرئيسية » الواجهة » حوار بوطاهر لطيفة مع الروائية الإيرانية مهناز أنصاريان

حوار بوطاهر لطيفة مع الروائية الإيرانية مهناز أنصاريان

إعداد بوطاهر لطيفة

latefa

–ولدت مهناز أنصاريان  ودرست بطهران ، وبعد تجارب مهنية متعددة ساقتها إلى باريس ولندن رجعت إلى إيران لتتعاطى للفن كممثلة و سيناريست.اتخذت من الحب محورا لروايتها التي يختلط فيها الجمالي بالمعرفي وينفتح على الإنسان بكل اختلافاته الوجودية بأسلوب يظهر مدى اهتمامها بالتفاصيل الدقيقة و الجزئية.في هذا الحوار، نتناول تجربتها الروائية من خلال رواياتها:

ليلى؛نساء إيرانيات بنزل مونمارت وجوهرة جزيرة “كيش”.كيف أتيت للكتابة؟

ليس من حدث معين يمكن أن يصير الإنسان كاتبا. الكتابة إحساس قوي بعاطفة نريد التعبير عنها’بفكرة نحس با لحاجة إلى التقاطها و إعطائهاصيغة أدبية.الكتابة ليست التزاما،إنها نوع من الغريزة، من أحاسيس لا نستطيع مقاومتها، و تفرضالترخيص للحلم و الإبتكار ولكن هناك شيء أقوى ويشكل الدافع الأساسي للكتابة:إنه الحب.عندما يقع الحب نستسلمويصبح التعبير عنه كتابة من الأمورالملحة والتي تحتمأن نأسرها وهذه مسألة أقوى منا.

كيف تعرفينالحب؟

لا يوجد تعريف شامل للحب،إنه وبكل بساطة شعور نتقاسمه مع شخص معين.إنه إحساس مثمركالبرعم الذي يطمح أن يصبحزهرة؛ و لكن قد يكون نارا تحرق و تدمر.بفضل الحب أ صبحت كاتبة.إنه نوع من الإيمان الدافع للإبداع؛شعور مطلق و لما نعيشه بصدق يصبح مجمرة للإلهام.البعد الروحي هو الجوهري في هذه العا طفة،إنها وديعة في القلب وهي كا لكنزتحدد أجمل أفعالنا وترقى بنفوسنا.و لهذا تجد المحب متفهما للغيرولكل ظروفه ولا ينتظر اي تفاعل أو ردا بالمثل.إنه نوع من التعاون مع الآخر.ولكني أعتقد أن الكثيرا مما أكتبه ليس دائما مفهوما.

أ لأن ما تكتبينه غير مفهوم أو تظنينه كذلك؟

يتطلب الفهم أحيانا شروطا لا توجد بالضرورة عند الأخرين.ليست لهم نفس التجارب الروحية و ذلك يخلق عراقيل تجاوب بيننا. أستطيع القول إنني محظوظة بتجاربي.

هل كتابة الرواية نسج من الخيال أم هي نوع من الالتزام؟

الرواية ليست تجسيدا لفكرة مسبقة.إنها وبكل بساطة اقتناص لمعاش، حكاية رصد لما أرى و أسمع،تحصيل لتجارب عشتها و أعيشها.

أهي سير ذاتية؟ روايات حياتك؟

أسكب فيها بعضا من معاشي وحياتي…

ماذا لو تحدثينا عن روايتك الأولى “ليلى”؟

أردت أن أظهر من خلالها كيف يمكن لحدث صغير أن يخلق مأساة في حياة إنسان.لأن ليلى عاقر-و ذلك خارج عن إرادتها-أصبحت في معزل عن الضوابط الأسرية و المجتمعية السا ئدة، ضحية تقاليد قديمة وقوية.ولتجنب زوجها الذي تعشقه الصدام مع المجتمع والعائلة قبلت زواجه من امرأة ثانية تستطيع الإنجاب.إ ثقال الحب بواجب إعطاء حياة بالولادة تحت ضغط التقاليد مسألة يجب ألا تدوم ،أن تقاوم.الحب كالسيل الجارف يجب أنننصاع له،أن نسايره، إن قاومناه حدثت المصيبة. وأنا أكتب “ليلى” كانت قصة الدكتورجيفاغو حاضرة في ذهني:رجل ممزق بين حبين: حب قوي لزوجته وحب جارف مستحيل و أصيل لعشيقته لايستطيع التنازل عنه.

لماذا استسلمت ليلي لحكم التقاليد؟

عدم القدرة على الولادة ولد عندها إحساس بالذنب كفرت عنه بقبول زواج زوجها لتعطي بذلك دليلا على حبها الكبير له. الحب تجاوز للنفس،للذات و الأنا.

تحولت هذه الرواية إلى فيلم؟

نعم، وقد أخرجه السيد دريوش مهرجوي وهو مخرج إيراني كبير و حصل على جوائز كثيرة في إيران و كذاك جائزة أبراهام لنكولن في الولايات المتحدة الأمريكية.

وماذا عن روايتك الثانية و بهاذا العنوان الدقيق”نساء إيرانيات في بنسيون مون مارت؟

إنه من اقتراح الناشر (لارماتون) واستحسنته، وكان العنوان الذي اخترته هو:بنسيون مون مارت

لماذا باريس و تحديدا مون مارت؟

أعرف باريس و أحبها كثيرا.أما مون مارت،فهي تشكل في مخيلتي مكانا لا متزاج الحب بالفكر في خضم أجواء روحانية.كنيسة القلب المقدس واحة راحة لكل الذين يعانون من حر متاعبالحياة.مكان يلتقي فيه الفنانون و الموسيقيون ويخلق الانسجام بين زائريه.التعارف فيه سهل بين الناس الأتين من كل أرجاء الدنيا،إنها قريه عالمية يعزوجود مثيل لها في جهة أخرى في العالم وبا لإضافة إلى كل هذا فأ نا عاشقة لليالي مون مارت. جاءتها سيتاري بطلة الرواية حاملة لرسالة حب و حيث حلت فإنها تنثر المحبة من حولها. لقد اختارت المكان ا لأنسب لهذه القصة.يلتقي فيه الغرباء والراغبون فيالتحرر من داء العزلة. مكان يشعرك بأن الأرض واحدة، وهي ملك لكل الناس، إنها كذلك وهو ما يستوقفني دائما. الأرض واحدة أنا ذهبنا وهي ما يوحد الناس رغم أنهم يحتقرونها.يمكن للإنسان أن يحولها إلى جنة خضراء ويمكنه أن يخربها.إن الأرض بريئة من كل سوء و شر البشر.

لماذا الجمع بين نساء من ديانات مختلفة في نفس المكان؟

إن الاختلاف في الدين لم يِؤمنهن من سطوة الحب و قسوته.أ تين كلهن باريس وهذا النزل للتخفبف من معاناتهن الغرامية’ وخلقت هذه المعاناة
تقاربا وانسجاما كبيرا بينهن وحولتهن إلى ذات واحدة تتفاعل مع الحب المش
اع من المكان الذي تديره سيدة مفعمة با الأحاسيس النبيلة. صعدن مع الحب سلم الارتقاء الروحي فا نصهرت الاختلافات وحل كأقوى رابط بينهن.

هلالمعاناة وحدها تستطيع جب الاختلافا ت؟

يمكن أن نتصور  قدرة السعادة على خلق نفس الحالة من الحب و التناغم بين الناس و على كل حال،توجد طرق كثيرة تخلق التفاهم بين الناسو لا توجد غير طريقة واحدة للتفرقة وهي أن ينصرف كل لشأنه.

أية الشخصيات تقربك في الرواية؟

ستاري

أليست أنت؟

بلا و إلى حد كبير  لما يكون الحزن عميقا فإننا لا نستطيع إظهاره ولكنه يدفعنا لإعطاء الكثير من الحنان. وفي الأجواء الروحانية ننسى كل الاختلافات ونركز على ما يجمع ويوحد. سيراتي قوية الإيمان و لا تتحدث أبدا عن عقيدتها ولا رغبة عندها في ذلك. إنها رمز للعلاقة بين الحب و الحنان و تجد سعاتها في العطاء دون مقابل و استطاعت بذلك أن تخلق أجواء حميمية بين النزيلات.

لسيتاري مرجعيات في الحب و الدين فكثيرا ما تذكر مجنىن ليلى؟ ما المعنى الذي تعطينه لذلك؟

قصص الغرام والدين رغم كل الاختلافات تظل مدفوعة بنفس القوة:قوة الحب. لما نعطش فمنا من يشرب في كأس أو في فنجان، المهم أن نروي عطشنا.

وصف أسلوبك في الكتابة بالبلزاكي لما يتميز به من تفا صيلو جزئيات؟

أعتقد أنه من خلال الجزئيات نستطيع أن نتلمس شخصية الناس. ويجب الا نغفل الجزئيات لأننا نجهل أيا منها يستطيع أن يحدد مسار حياة. فالعقم هو سبب مأساة ليلى. ثم تذكري ما فعلته قصة منديل بعطيل’ألم يشكل برهانا لخيانة ديدمونة له؟ ألم يقتلها بسبب قطعة قما ش و ضعت مكرا في غرفة كاسيو؟ بنيت هذه التراجيدي الشكسبيرية
على جزئية. إنها قصة قريبة من قصص الأساطير
، وعلى كل فإذا تفحصنا الواقع فسنجده مليئا با لأساطير و الروائع

إذن كل الروايات أساطير؟

الواقع أسطورة و كلما أردناه أكثر واقعية كلما كان أسطوريا

لماذاهذه الاستضافة للمطبخ الإيرن بروائحه الطيبة؟

حضور العطر هو حضور للإنسانية ومخاطبة للحواس، يتعلق النا س ويسبحونفي الروائح التي تسعدهم و تجمعهم.أردت أيضا أن أظهر دور المطبخ في ثقافتنا، فحفاوة الضيافة تتماهى مع العطور لتكشف حفاوة الاستقبال.إنه وقد مكن سيراتي من إظهار محبتها للنزيلات ورعايتهالهن.و عندما أستقبل ضيوفي أهيءلهم أحسن ما في المطبخ الإيراني وأقدم لهم ذلك في عرض كبير من الضيافة.

 هل من تأثير غربي أو شرقي في كتابتك؟

عندما أكتب لا أبحث عن مرجعيات أو نماذج،أكتب ما أحسه و ما يخطر ببالي. لكني أود أن أتحدث عن نعض الشعراء الكلاسيكيين الإيرانيين.

ما رأيكب عمر الخيام؟

رأى الدنيا من خلال الحب

وجلال الدين الرومي؟

كان للقائه مع شمس الين التبريزي أعظم الأثر في حياته.تعلق به جلال الدين و نشأت بينهما قصة حب روحية غيرت كل حياته ودفعت به في عالم التأمل و الحب الرفيع،  ليجود على الإنسانية “بدين الحب “

أتوجد كتابة نسانية للتعبير عن الحب؟

أكيد أن النساء يتحدثن بطريقة مختلفة عن الحب و لكنها متكاملة مع آراء الرجال: قصص الحب كثيرة و الأسماء مختلفة مجنون ليلى’علي رضا وسيتاري ولكن الحب يحتفظ بنفس السلطان ولو نظروا إليه من زوايا متعددة

ماذا عن روايتك الثالثة“جوهرة  جزيرة الكيش”؟

أفضل ألا أ تحدث عنها كثيرا.إنها قصة حب أخرى تـشرح تقاليد ثقافية. البحر المحيط بهذه الجزيرة شخصية في الروايةيروي أحزانه و يبوح بأسراره. وفي هذه الجزيرة الخلابة تدور قصة حب جميلة. للطيور والشخصيات الأسطورية دور في الرواية

فهي إذن رواية سريالية؟

أعتقد أن لحوريات البحر وجود واقعي لقد وجدن في وقت ماوعلى كل حال فالواقع ينبثق من اللاواقعي’ ولما ذا إذن لا نِؤمن با لأساطير أعتقد أن الذين سيقرؤؤن روايتي
في السنوات الأتية سيجدونها غير
واقعية.

ماذا عن إيران؟

ايران بلد مضياف ولجوها المشمس تأثير كبير على طبيعة أهلها الدافئة’ الإيرانيون مضيافون و حتى أكثر البيوت تواضعا مصمم لا ستقبال الضيوف اصحاب الله حسب أحد أمثالنا الشعبية.

هل من مشروع إبداعي جديد؟

مادموزيل دو مون مارت “عنوان روايتي المقبلة

كلمة أخيرة

راقني الحوار معك و و أحسست لكونك أنثى بتفاعل عميق مع كل ما عبرت عنه. أتمنى أن أستقبلك يوما م في إيران.

عن الكاتب

عدد المقالات : 1666

تعليقات (2)

اكتب تعليق

الصعود لأعلى