واحدة من النساء تكفي الدكتورة نوال السعداوي – مصر – ” وكالة أخبار المرأة “
حاولت أمى تعليمى تقميع البامية وطبخ الملوخية بالطريقة التى يحبها أبى، وكان أبى لا يأكل البامية أو الملوخية الا بطريقة أمه الريفية، يدفن وجهه فى الطبق متشمما رائحه امه او طفولته، فإن لم يجدها أصابه الضيق.
أمى ابنة المدينة تنتمى لأسرة مثقفة دخلت مدرسة فرنسية، وكان حلم حياتها اكتشاف دواء جديد مثل مدام كيوري. عشت بين طبقتى أبى وأمى المتناقضتين، الى جانب التناقض الأكبر الموروث منذ الاف السنين، أعنى التناقض المفروض بين عقل المرأة وجسدها أكبر ادباء الغرب والشرق كتبوا ان عقل المرأة يفقدها انوثتها، وأكبر أدباء مصر توفيق الحكيم اشتهر بانه عدو المرأة، لكنه اعترف أنه يحب المرأة الجميلة فقط بدون عقلها، وقال أن المرأة تصبح قبيحة حين تمارس السياسة أو الفلسفة أو الكتابة، وأن الرجل الغبى هو من يتزوج امرأة ذكية مأساة لا يمكن انكارها تعيشها الكتابة أو أى امرأة لها عقل يفكر فى أمور غير البامية والملوخية!
كاتبات العالم عشن مآسى مختلفة تؤدى أحيانا الى الموت أو الانتحار، كما حدث لفرجينيا وولف الانجليزية وسيلفيا بلاث الامريكية وأروى صالح المصرية. لهذا تتظاهر الكاتبة بالغباء للحفاظ على عملها وزواجها، تتفادى الكتابة عن قضايا المرأة لتنال رضا الرؤساء وأصحاب النفوذ، خاصة فى العهود التى تتصاعد فيها قوة الاخوان المسلمين والاحزاب السلفية. إحدى صديقاتى كاتبة موهوبة، نشرت سيرتها الذاتية منذ عامين، لم تتعرض فيها للقهر الذى عاشته فى ظل سلطة أبيها المطلقه، أو الاستبداد الذى مارسه زوجها عليها وبناتها الثلاثه، تخلى عنها وعنهن ليتزوج إمرأة أنجبت له ولدا ذكرا يحمل اسمه وعائلته تحدثت الكاتبه فى سيرتها الذاتيه عن ذوات الاخرين، لم تذكر حرفآ عن ذاتها، أشاد بها نقاد الادب الرجال، تحدثت عن المباديء الثورية الانسانية العليا:
عيش، حرية، عدالة، كرامة انتقدت النخب المصرية الذين يتحولون بسرعه من عهد الى عهد وسيل الكتابات السلة غير العميقة، والصراع ضد الفساد والاستبداد، حكت عن طفولتها السعيدة على شاطيء البحر، والجوائز الادبية التى قدمتها لها الدولة، وميدان التحرير الذى نزف فيه الثوار الدماء، والشهيد الذى مات وهو يهتف تحيا مصر وفلسطين والعراق وتحدثت عن أبيها البطل الذى قاتل فى حرب فلسطين، بلغ كتابتها 350 صفحة لم تكتب فيه حرفآ عن أمها التى ماتت وحيدة فى غرفة معتمة بالسيدة زينب وكاتبة مصرية أخرى بارزة على المسرح السياسى الثورى، سافرت لمؤتمر أدبى فى فرنسا يناقش مشكلات الكاتبات فى ظل النظام الأبوى، بعد عودتها نشرت مقالا طويلا لم تذكر فيه كلمة واحدة عن موضوع المؤتمر، بل راحت تعبر عن لوعة الحنين للاسرة والوطن، رغم أنها لم تغب عن مصر الا أسبوعا واحدا، كانت تمشى فى شارع الشانزليزيه الواسع النظيف المظلل بالأشجار فتشعر بالحنين الى الحارة فى بولاق، التى مشى فيها أخوها فى المظاهرة قبل أن يسقط بالرصاصة الحية، والدم فوق الأسفلت، وروائح القمامة وأصوات الميكروفونات من فوق المنارات تعانق أجراس الكنائس، الأبخرة المتصاعدة من الكباب المشوى، بخور الحاج متولى يطوف به فى سيدنا الحسين، وعوادم السيارات والميكروباصات والتوك توك، وابتهالات الشحاتين، والجرافيتى على الحيطان يقول الثورة الثورة كل هذا جميل لكن لم تكتب كلمة واحدة عن موضوع المؤتمر الذى سافرت اليه، حيث نوقشت مشاكل النساء الكاتبات فى ظل الانظمه الابوية، وهى نفسها تعرضت للقمع الأبوى حين رفضت الزواج من الرجل الذى اختاره أبوها لها ثم أحبت زميلها فى المؤسسة، الذى اكتشف بعد الزواج أنها لا تطبخ البامية والملوخية بطريقة أمه، وأنها تفضل الكتابة عن الطبيخ، رمى عليها يمين الطلاق، كما يفعل الرجال فى بولاق التقيت بها صدفة فى الطريق، قالت أنها تأكدت من صدق كلمات توفيق الحكيم، سألتها لماذا لم تكتبى عن مؤتمر الكاتبات؟ قالت الا تعرفى عقلية رئيس رئيس الحزب الذى نا فيه؟ وعقلية رئيس التحرير الذى أكتب عنده؟ هل أعرض نفسى لما تعرضت أنت له يا صديقتى؟ يكفى واحدة تعاقب بالنيابة عنا.
الحوار المتمدن
semi formal dresses xl
Hello there! Do you use Twitter? I’d like to follow you if that would be ok. I’m absolutely enjoying your blog and look forward to new posts.