انت هنا : الرئيسية » الواجهة » في ذكرى مولد أمير  الشعراء الـ 150 ووفاته الـ 86 حسين شوقي  يكشف سر  أبيه  في كتاب نادر!

في ذكرى مولد أمير  الشعراء الـ 150 ووفاته الـ 86 حسين شوقي  يكشف سر  أبيه  في كتاب نادر!

القاهرة – ” رأي اليوم” – محمود القيعي :

إذا كان الولد سر أبيه كما يقول العرب ، فحسين أحمد شوقي  كان سرا لأبيه أمير شعرء العصر الحديث ، الذي ربما تصدق  فيه الكلمة التي  قيلت في أمير الشعراء أول مرة  ، واسمه  – و يا للمصادفة –  أحمد أيضا ” أحمد  بن الحسين ” أبو الطيب المتنبي ” :

ملأ الدنيا  ، وشغل الناس .

ولد  أحمد شوقي  في  السادس عشر من أكتوبر عام 1868

وتوفي في 14 أكتوبر عام  1932  ، وفي السطور  التالية قراءة  في كتاب ” أبي شوقي” تحية  لذكراه .

في كتابه  الصادر  عن دار الفضيلة في القاهرة  بعنوان ” أبي  شوقي ”   لم يكتف حسين شوقي  بسرد  ذكرياته مع أبيه  شوقي ، بل  تعرض  له  بالنقد  تارة ، وبالسخرية  اللاذعة تارة أخرى .

عيوب  شوقي

يتكلم حسين شوقي   عن عيوب  أبيه ، ويرى أن أهم  عيوبه أنانيته الشديدة، ويتساءل :

 تُرى  هل هي ” الأنانية ” من  لوازم  الشعراء ؟ إذ أن  ” شيلر”  عندما  يتحدث عن  طبع صديقه  جوتة  يقول :

” إنه في الواقع أناني  إلى أقصى حدود  الأنانية! ” .

ويحي  حسين  قصة عن   أنانية  أبيه  فيقول :

” فمن أنانية أبي  مثلا أننا  لم نكن  نستطيع أن  نتغدى  في ساعة  معينة ، بل كان لزاما  علينا أن ننتظر الى  أن  تأتي شهيته ، وكثيرا  ما  كان  يطول  هذا  الانتظار ، لأنه  كان يصحو من  نومه متأخرا  فيفطر  بطبيعة الحال  متأخرا أيضا  ، وسبب هذا  التأخير  في النوم  أنه  يراجع بعد ما يعود من سهرته  ما نظم من  شعر  طوال نهاره ” .

هل كان شوقي  بوهيميا ؟

قسا حسين  على أبيه   مرة  حينما  قرر في  كتابه   أن  أباه  كان  بوهيمي  النزعة الى  حد  بعيد ، مشيرا الى أن  كثيرا  من تصرفاته  يدل على  ذلك .

وتساءل  حسين  :

” ألم  يكن  بوهيميا ، حين  كان  يعاونني  على الهروب من المدرسة  في  المطرية ؟

كذلك  الحادث  التالي  الذي وقع ونحن  في برشلونة  دليل  ساطع على ذلك : ركبنا   ” الأوتوبيس ”  ذات يوم  ” هو وأنا ”  فصعد  رجل  عملاق  بادي  الترف والثراء ، يعلق  سلسلة  ذهبية  بصدره  وفي فمه  سيجار  ضخم ، ثم  ما  لبث أن استسلم  في ركن من العربة ، وراح  يغط  غطيطا   يرهق الأعصاب ، وصعد  نشال في مقتبل العمر  جميل  الصورة  وهم  بأن  يخطف السلسلة  ولكنه أدرك أن أبي يلمحه ، فأشار  اليه   اشارة برأسه  مؤداها : هل  أخذها ؟  فأجابه أبي  برأسه ” خذها ”  ، فنشلها  الشاب  ونزل   ، بعد ما حيا أبي  برفع  قبعته  له !

ولم يكد  ينزل  حتى التفت  الى أبي   وقلت : هل  يصح أن  تترك  النشال  يأخذ سلسلة  الرجل وهو نائم ؟ فأجاب : شيء  عجيب  يا  بني !

 لو كنت  مقسما  الحظوظ  فلمن  كنت تعطي  السلسلة  الذهبية ؟ أكنت تعطيها عملاقا  دميما أم  شابا  جميلا  ؟   فقلت :  كنت أعطيها  الشاب الجميل ،  فأجاب ببساطة :  ها هو  ذا أخذها  ! ” .

دلال  ابن  ورحمة أب

 تناول  حسين  شيئا من أخلاق أبيه  ،  فقال :

”  كنت أرغمه  على الجلوس  في الحنطور  في المقعد  الصغير  الأمامي ، على حين أجلس أنا  أمامه في  المقعد  الكبير ، وقد  رآه مرة  سمو الخديوي  على هذه الحال ، وكنا  نسير  إذ  ذاك  في ضاحية  المطرية ، وكان  سموه قادما  من قصر القبة  في  طريقه  الى مسطرد ، فاستدعى أبي  ولامه  على ذلك ، سائلا :

 لمَ  تفعل هذا ؟

فأجابه  : سله  هو يا أفندينا  لم  يفعل  بي هذا ؟ ” ؟

وتابع حسين في  كتابه الممتع  :

”  لذلك  عندما  قرروا أن أذهب  الى المدرسة ، نزل علي  الخبر   كالصاعقة ،  إذ كيف أترك  كل هذا النعيم  وأذهب  فأقضى  الساعات  الطويلة  بين جدران أربعة؟ وقد حاول أبي أن  يبطل  هذا القرار أو   يرجئه  ، ولكنه أخفق أمام  تشبث مربيتنا التركية  التي  كانت  تحكم البيت  كله  بيد من  حديد  ! ” .

حنو البنات

 يقول  حسين  شوقي إن أباه  كان  يرى أن البنت  أشد  حنوا    بأبويها  من الولد ، مشيرا الى أنه ذكر  ذلك  في  رثائه  للوزير  الكبير  مصطفى فهمي باشا  الذي مات ولم  ينجب  غير بنات :

 إن  البنات   ذخائر من رحمة .. وكنوز حب صادق  ووفاء

والساهرات  لعلةٍ أو كبرة

 والصابرات  لشدة  وبلاء

ليلة الوفاة

 يقول حسين شوقي عن ليلة وفاة أبيه :

” في يوم الوفاة أي 13 أكتوبر سنة 1932 خرج يتروض في السيارة مع سكرتيره في ضاحية مصر الجديدة ، وقد تحدث معه في موضوعات دينية ، وقد سأله بوجه خاص ، وكأنه  قد أحس بدنو أجله  عن التوبة

والغفران  ، وهل يتذكر نصا صريحا  عنهما في القرآن الكريم؟

ثم زار في مساء اليوم نفسه الاستاذ محمد توفيق دياب بك  في مكتبه  بجريدة الجهاد ، فقد كان أبي  يحب الاستاذ دياب ويرتاح الى مداعباته ، وقد نظم له بيتا  جعله الاستاذ دياب بك شعارا لجريدته ” الجهاد ” وهو :

قف دون رأيك في الحياة مجاهدا

إن الحياة عقيدة وجهاد

وقد توفي  حوالي الساعة الثانية صباحا .. أيقظني الخادم قائلا :

إن أبي تعبان  وإنه أرسله في طلبي ، كما أرسله في طلب أمي

، فأسرعت الى حجرته فوجدت  أمي  بجانب السرير قلقة تناديه :

ما بك؟

ولكنه لا يجيب ، إذ كانت روحه قد فاضت ، ذهبت الى  ذلك العالم المجهول الذي طالما ساءل عنه ، وتمنى لو  عرف أسراره  ، ألم  يقل مخاطبا شكسبير :يا صاحب العصر الخالي ألا خبر

عن عالم  الموت يرويه الألباء

أما الحياة فأمر قد وصفت لنا

فهل لما بعد تمثيل وإدناء ؟”.

وأنهى حسين شوقي كتابه قائلا :

” وقد كتبنا على قبره عملا  برغبة أبداها يوما ، البيتين التاليين وهما من قصيدته ” نهج البردة ” في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم :

يا أحمد الخير لي جاه بتسميتي

وكيف لا يتسامى بالرسول سمي

إن جل ذنبي عن الغفران لي أمل

في الله يجعلني في خير معتصمِ

رحم الله   حسين شوقي وأباه !

عن الكاتب

عدد المقالات : 1688

اكتب تعليق

الصعود لأعلى