انت هنا : الرئيسية » الواجهة » عرس الذئب..إنه الذئب يعيش أجمل إيامه وأحلى أو أوقاته

عرس الذئب..إنه الذئب يعيش أجمل إيامه وأحلى أو أوقاته

نادية الحكيم

لأنه ببساطة يعيش عرسه..طويلة و شاقة هي الليالي و الأيام التي انتظر فيها هذا العيد هي بحساب الزمن دهرا ..هي قرن من السنين، لكن كل شيء يهون من أجل تلك العروس الجميلة ،هو يعشقها و لكنه يكره اسمها و أهلها..يفكر ببنه و بين نفسه :(لا عليك بعد الزواج سابدل اسمها ..دعها تدخل أولا في عصمتك و بعدها لن ابدل اسمها فحسب بل و لربما وجهها..رائحتها…لغتها و حتى نسلها سأجعلها تنجب الذئاب فقط ) الذئب غارق في أحلامه و تخيلاته ( سأجعلها لي وحدي و سأفترس عائلتها، قبيلتها وحتى ابن عمها في الليالي المظلمة واحدا بعد الاخر تحسبا لأن يفتكوها مني في لحظة صحو )

 في البداية رفض الجميع تزويج العذراء الجميلة للذئب الى أن سقط في براثن ألاعيبه أحد أبناء عمومتها و من هنا بدأت الحكاية و لكن لا أحد يعلم تفاصيلها الدقيقة، مئات الأسئلة ،و الاف الهواجس تتبادر للذهن.. ما مهرها و من قبض المهر ؟ من باع تلك الجميلة لذلك الذئب ؟ و كيف باعوها لذئب يعرف غدره أهل القرى كلها ؟ كم قبض ذلك الخبيث ابن عمها من عمولة ؟لا يعط الذئب مالا . أتراه اذا منحه وعدا بالحماية ؟ ام لعله هدده بالعقاب الوبيل ؟ تفطن أهل الدار و القرية لعلاقتهم المشبوهة و لكن ابن العمومة كان ينفي دائما الاشاعات. أما الذئب فينفي تارة و يعترف طورا كما عادته يكشر عن انيابه تارة و تحسبه حملا وديعا طورا و لكن لا يغرنك منه ذلك الوجه البريء ،فله من الخبث و الأنياب و المخالب ما لا يعرفه الا جدهم الحكيم الذي ما انزل بندقية الصيد عن كتفه لسنين و لم يعطه يوما جانب الأمان.

  منذ مدة و الاسى يكسو ملامح الجميلة و الحزن يعتصر روحها الطاهرة، “قلب المرء دليله ” و دليلها يوحي لها بأن صفقة دنيئة تحاك في السر. / تعيش على وقع الانتظار المريب ، تحركات غير عادية في عائلتها ،مشاحنات جنونية ببن اخوتها الذين ما عادوا يجتمعون على مائدة واحدة ،رائحة غريبة تحوم في أركان المنزل و كأن شيئا ما يحترق، حتى جدران المنزل غزتها التشققات. لم تعد تدري كيف و متى تفرق الأشقاء ؟ناهيك عن أولاد العمومة .أما عن القرية فالاستنفار هو سيد الموقف ،سوق القرية يعج بالخناجر ،لا أحد يدري كيف ازدهرت فيها فجأة تجارة الخناجر .العجيبة أن الذئب أصبح يتبختر أمامهم و في طرقاتهم صباح مساء،بل و يتمادى في غزواته ، و لا أحد معني به الكل يراه و لا أحد يبصره. والمصيبة الأكبر أن بعضهم أصبح يعوي مثله.

الكل يرى دموعها الحارة ،و يسمع نواحها في سكون الليالي ، و مع طلوع الشمس و غروبها . اخوتها لا يحركون ساكنا ، فكل واحد منشغل بمراقبة الاخرين .و في القرية كل رجل منشغل بشحذ خنجره و ليقف بعدها أمام داره متربصا حتى بابن عمه او أخيه،لو كان حكماء القرية أحياء لما حدث كل هذا،حقيقة أدركها الذئب جيدا لذا لو لا بد من التخلص منهم .”الغدر يغلب الشجاعة” و بما أن الغدر شيمته  كان له ما أراد .

الليلة عرسه …

هو…يكاد يموت فرحا .منشغل باختيار أسماء المدعوين و الغريب أن القائمة تضم أسماء بعض رجال القرية !! و منشغل أكثر باختيار الاسم الجديد لعروسه

هم ..الاخوة في الدار ، منشغلون بخلافاتهم و جدالاتهم البيزنطية

هم…أولاد العمومة ينتظرون منديل العذرية من وراء الأبواب.

سكان القرية…منشغلون بإطفاء حرائق غريبة كلما أطفأوا حريقا هنا اشتعل لهيب هناك .

هي…لم تعد الجميلة الطاهرة فقط ،بل أصبحت الباسلة ، المستبسلة أيضا .

 لم تعد الخجولة…فلا حياء مع الذئاب.

لم تعد الخائفة ..هي تنتظره على أحر من الجمر ، لا لتأخذه في أحضانها..

ستدمي وجهه بأظفارها و ستغرس خنجرا في صدره ثأرا لقرن من المرارة تجرعوها بسببه.. ثأرا لشرفاء من القرية سقطوا في مواجهاتهم معه و ثأرا لأيتامهم ، ثأرا لمن هجر القرية و غدا مشردا بسببه ، ثأرا لإخوتها الذين كادوا يعيدون قصة قابيل و هابيل بسببه أيضا ،ثأرا لمن يحتجزهم في جحره منذ سنين ، و ثأرا لشرفها الذي لن يداس و دفاعا عن اسمها الذي لن يتبدل و سيبقى دائما…..القدس .

رأي اليوم

عن الكاتب

عدد المقالات : 1687

اكتب تعليق

الصعود لأعلى