الحضور القوي لليمين المتطرف في الانتخابات الأوربية
بوطاهر لطيفة
ينتظر البرلمان الأوربي أن تأ تيه انتخابات الخامس و العشرين من الشهر الحالي، بموجة قوية من اليمينيين المتطرفين
الشعبويين، تأكيدا لتحليلات سياسية حول مسار أقصى اليمين.
على مستوى فرنسا،أظهرت الانتخابات البلدية، أن الجبهة الوطنية قد أصبحت قوة فاعلة في المجال السياسي ،و قادرة على معاكسة الكثيير من المعاد لات. ومن حينها، رجحت كفتها في ميزان الانتخابات الأوربية ، حيث تضعهااستطلاعات الرأي في المرتبة الأولى -23بالمائة -من الأصوات ا متقدمة بذلك الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، والحزب الاشتراكي.
تقويض و هدم الاتحاد الأوربي هوالهدف الأسمى لأ حزاب اليمين المتطرف .
وما سعيها لولوج البرلما ن ،إلا من أجل استخدام بنيته التحتية لتمرير خطابها المناهض بشراسة للبناء الوحدوي.
” ذاهبون للبرلمان من أجل وقف مسيرة البناء الأوربي”،جملة ترددها مارين لوبن في كل المقابلات.
ماهي ذرائع المتطرفين في ذلك؟
يجمعون على أن الاتحاد مؤسسة فوق-وطنية تهدم الأمم و تعرض شعوبها للضياع.
“الاتحاد الأوربي يهدم و الأمة تحمي” عنوان بارز لبرنامج الجبهة الو طنية الفرنسية الانتخابي.
يهدم لأنه يفتح الحدود لعولمة سياسية، اقتصادية و ثقافية ذات بعد حقوقي ، تصهر الهوية الأوربية في ذوات دخيلة
تشكل الإسلامية منها خطرا قاتلا.
يهدم الأمة التي تستطيع وحدها أن “تدافع وفي جميع الأحوال، عن القيم، الهوية، التقاليد و طريقة العيش”. 1
يهدم ،لأنه لا يستطيع ايقاف الهجرة الفوضوية وحرية حركتها في أوربا،
ولأنه المسؤول عن انفجار البطالة و انخفاض القوة الشرائية للطبقات الفقيرة و المتوسطة،بسبب إدارة لا ديموقراطية،
و يخضع أوربا برأئ مارين لوبن لإغراق نقدي،اجتماعي،صحي وبيئي…
فالاتحاد بهذه المفاهيم يلغي الأمم الأوربية و سيادة الشعوب. وهذا هو الوتر الحساس الذي تلعب عليه زعيمة الجبهة الو طنية، حين تتوجه وبلهجة تحذيرية للفرنسيين قائلة:
“إن فرنسا اليوم، في مفترق طرق .إما أن تعود بلدا كبيرا حرا،مستقلا، آمنا، مزدهرا،فخورا بتاريخه و مستعدا للدفاع
عن مستقبله و مستقبل أبنائه؛
و إما أن تختفي في مزيج أوربي، متعدد الثقافات، دون تأثير و لا قوة، تقوضها الهشاشة و تفككهاعولمة متوحشة لا يشكل الاتحاد الأوربي إلا مرحلتها الأولى”.
“اليوم،تحتاج فرنسا لشعبها، ولهذا أتوجه إليكم.
البطالة، التدني الاجتماعي، الظلم، ضياع القيم، الهجرة غير المنضبطة، ليسو قدرا محتوما، و لكن نتيجة اختيارات
سيا سية نستطيع معارضتها ، يجب معارضتها.
لا زال لفرنسا مستقبل، و هو يعتمد عليكم.
أحزاب اليمين المتطرف
إذا كان القاسم المشترك للأ حزاب اليمينية المتطرفة هو رفض البناء الأوربي ،العنصرية، و الإسلاموفوبيا،فإنها غير متجانسة –ظاهريا-من حيث ثقافتها السياسية، و تنقسم إلى 3 مجموعات:
تضم الأولى منها : الجبهة الوطنية الفرنسية،الحزب من أجل الحرية الهولندي،حزب الحرية النمسا وي،عصبة الشمال الإيطالي،حزب الديموقراطيين السويديي، الحزب الانفصالي الفلمنكي البلجيكي.
لا تخفي عنصريتها و قد “لمع” ويلدزر الهولندي،أشد العنصريين جهرا بعدائه للإسلام، حين شبه القرآن الكريم بكتاب “كفاحي” لهتلر، وبتصريحاته المعادية للمغاربة خصوصا.و لا يجد ستراش النمساوي حرجا في إعلان إعجابه “بالرايخ الثالث”ومهاجمة المنارات، الأتراك، المهاجرين من البلقان، و الآتين من شرق أوربا ، بطريقة شرسة.
و للسويديين صلة مباشرة بالنازيين الجدد،في حين تتنصل مارين لوبن من نعت حزبها باليمني المتطرف، وتراه يمينيا وطنيا.
و تضم الثانية:الحزب من أجل استقلال المملكة المتحدة،البديل الألماني، الفلننديون الحقيقيون، حركة خمسة نجوم الإيطالية، و حزب الشعب الدانماركي. و كلها ترفض التحالف مع مارين لوبن لأن حزبها بحسب فرج نيجل، ز عيم الحزب البريطاني، مفتوح للعنصريين و المعادين للسامية. يعارض نيجل الهجرة، و يدعو إلى استفتاء حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
أما الثالثة فتتشكل من مجموعة أكثر را ديكالية: الحركة من أجل مجر أفضل(الجوبيك) حزب النازيي الجد يد الألماني،
الحزب الوطني الإنجليزي و الفجر الذهبي اليوناني..يعلن المجري دعوته للعودة إلى القيم المسيحية؛ و تجاهر كلها بنازيتها.
تسعى الجبهة الوطنية الفرنسية إلى تكوين كتلة برلمانية تمكن الشعبويين من الوجود المِؤثر عبر ا الحضور في جلسات رؤساء الفرق كهيأة تشريعية. قد تستطيع الاعتماد على المجموعة الأولى كنواة لهذه الكتلة التي يشترط أن تضم 25 برلمانيا يمثلون على أقل تقدير ربع الدول 28 المكونة للاتحاد.
أسباب صعود التطرف
هل يمكن أن نعزي للأزمة الاقتصادية الناتجة عن الانهيار المصرفي عام 2008 هذا التقدم الهائل لليمين المتطرف
بخطاب عنصري و جهر بالنازية؟
يقول مارليير.” يظهر استطلاع رأي للأوروباروميت أن 30 بالمائة من الأوربيين يؤيدون الاتحاد مقابل 60
بالمائة قبل اندلاع الأزمة.و الفكرة القائلة إن الأزمة الاقتصادية تغذي التصويت الفاشي، تحيل إلى مرحلة جمهورية فيمار-1918-1933- ؛ مرحلة أزمة عالمية (الثلاثاء الأسود لوول ستريت ،29 أكتوبر 1929) تمكن خلالها الحزب الوطني الاشتراكي بزعامة أدولف هتلر من الوصول إلى الحكم بطريقة ديموقراطية.2″
وهل تشرحه لوحدها وتبرره؟
لليمين المتطرف جذور تاريخية و ثقافية في أوربا ،لا يرجع لها الديموقراطيون في حواراتهم ومواجهتهم مع العنصريين .
لم يستطع المعسكر الديموقراطي أن يوضح ويمرر بعضا من أفكاره:
حول الاتحاد كقوة اقتصادية بإمكانها أن تمتص الأزمة وتحقق رفاهية الشعوب؛
حول الاتحا دالأوربي كمجال حضاري إنساني قادر على استيعاب التنوع و تحويله إلى قوة خلاقة مبدعة؛
كمجال أوسع للممارسة الديموقراطية و حقوق الإنسان وكأداة فعالة من أجل بناء ثقافة الحوار والتعاون بين الشعوب والسلام في العالم؛
لم يستطع أن يو ضح أن الأكثرية المسلمة مواطنة في هذ الدول التي تتعرض فيها لعداء اليمين المتطرف.
ظل يراوح بين المهادنة و التسليم، و هاهو اليوم يتعرض لأ كبر هجومي فاشي تعرفه أوربا بعد الحرب العالمية الثانية
معرضا الديموقراطية للخطر و فا تحا المستقبل على مختلف السيناريوهات.
1) مارين لوبن
2) فليب مارليير” اليمين المتطرف في أربا بين الحقيقة و الخيال”: الجريدة الإلكترونية، ميديا بارت،
7 يناير 2014.