انت هنا : الرئيسية » الواجهة » سعاد خليل: الامثال الشعبية في السرد

سعاد خليل: الامثال الشعبية في السرد

سعاد خليل

الامثال الشعبية نوع من الموروث الثقافي وهي رائجة علي السنة الناس وتعتبر وسيلة من اهم وسائل حفظ التجارب والحكم وتناقلها بين الأجيال ، وفي ذات الوقت تعد من الوسائل المتداولة   في السرد من خلال التجارب .

فالأمثال في كل امة تعتبر خلاصة تجربتها، ومحصول خبرتها وافكارها ومظاهر حياتها ، لذلك أصبحت دراسة الامثال الشعبية تحظي بدراسات أدبية  لما فيها من نفعا وحكمة.

لقد تناول الكثير من الكتاب والادباء والحكما واللغوين علي مدي العصور الامثال الشعبية ودراستها والزمن الذي قيل فيها .

وفي سياق هذه المقالة عن الأمثال الشعبية في موروث السرد العربي بما تمثله نوعا ثانويا اعجبني ما كتبه الدكتور لؤي حمزة عباس .ربما كان فهم أدبية النص السردي القديم اعمالا مؤثرة الي جانب عوامل اخري ، في اختصاص دراسات السرد العربية بأنواع معينة مثلت ، حسب توجهها مركزا مهما في استكشاف السرد ، واستقراء فاعليته ضمن معطيات الثقافة العربية ، الإسلامية ، ليسهم بتركيزه علي استنباط البنية السردية للموروث الحكائي العربي ، ضمن اشتراطات نوعية وباستبعاد تلك الإرث السردي الذي اسهم بدرجات متفاوتة  في الاعداد لتشكل الأنواع القصصية التي توجهت الدراسات لمعالجتها واستقصاء سماتها البنائية، وان بطريقة غير مباشرة حيت عولجت خلالها موضوعتا التأليف ودرجة حضور المتخيل .

يقول الدكتور لؤي فيما كتب: عن  التصريح بوجود أنواع قصصية رئيسة واعمال حكائيه مكتملة من قبل دارسي سرد المعاصرين يقتضي منطقيا توفر الثقافة العربية في المرحلة مبكرة من مراحل تكوينها علي أنواع ثانوية ، غير مكتملة ، بمنظور البني اللاحقة وحيوية مكوناتها ، تتشكل فها الخصائص السردية شكلا بسيطا ينفصل في حضوره والية تنظيم عناصره  من معطيات عصره وسياقاته الثقافية التي تضافر فيها مظهران اساسيان من مظاهر الثقافة العربية علي انتاجها هما:

أولا : المظهر التاريخي:

يتبع بالأساس من حساسية الموقع التاريخي لهذه النصوص بين الجاهلية والإسلام ، بمختلف معطياتها وبما تحمله من تعارضات دينة ، او أخلاقية أ و اجتماعية مما يفسح المجال للنظر في صدق محاولاتها ، وما تنطوي عليه من حقيقة، في التعبير عن حضور لمحات اغلب سماته ، ووجه معظم ما تبقي من اثاره ليتناسب بشكل ما مع معطيات العصر الجديد وقد تعرضت في كل ذلك لإكراهات ، وانزياحات ، واقصاءات كثيرة أسهمت بالانتقال بها من صورتها الشفاهية الاولي، الي صورة ثانية تستجيب فيها المقتضيات التدوين مثلما تستجيب علي نحو اخر لاستراتيجيات العصر التي عملت علي احتضانها لأهداف عديدة وغايات ، لتكون اراء ( التلقي التاريخ ) لنصوص الامثال خاصة بمواجهة موقفين نقديين متناقضين شكلتهما عقود من  دراسة نصوص التراث ومحاولة تكوين رؤية علمية منهجية مما يطرحه من مشكلات.

الموقف الأول : يعتمد الي طرد الامثال من النثر الفني العربي ويلحق دراساتها بنمط الدراسات الفسيولوجية بلغة ففي الوقت الذي يعد ها مقياسيا لدرس اللغة، ومقياسا لدرس الجملة القصيرة كيف تتكون ومقياسا بنوع خاص حيث لعبت الشعوب بالألفاظ والمعاني يحد من دراساتها فنيا لصعوبة تحقيق نصوصها الجاهلية.

الموقف الثاني : يهتم بالأمثال بوصفها  نمطا من أنماط النثر المميزة في الجاهلية ، ويعده مصدرا من مصادر دراسة الادب الجاهلي لا سيما النثري منه ، فهي اذا قورنت بالشعر ا لجاهلي كانت اقل عرضة للتحوير والتغيير ، فضل منانها لا تقدم لمجهولية قائليها ، مادة مغرية للانتحال ، وهي علي الرغم من كونها ككنز هزيلا يحسب تعبير ( “بلاشير )” تشي اسرار كثيرة  عن العقلية الغربية اليت غطي عليها أحيانا دوي ابواق الشعراء . وقد اثر الموقفان كلاهما في دراسة الامثال، فلم يؤت الجانب الفني حظه من العناية مقابل دراسات تاريخية ولغوية ونفسية واجتماعية عملت علي رصد موضوعية المثل وبحثت من جانبها مهمة تأصيله والوقوف علي دوره  في علاقاته الجدلية مع مجتمعه  وهو يأخذ دور المرآة التي تعكس الواقع ، مثلما يأخذ دور الموجه الفاعل في سيرورة هذا الواقع ، وفي الجانبين تتوجه الدراسة للنظر الي العلاقة في تمثلاتها الخارجية ومظاهرها التي لا يعد النص معها بمختلف مركباته وعناصره الا شاشة انكاس الوقائع .

ثانيا: المظهر التعبيري :

يرتبط علي هذا المظهر انطلاق حركة التأليف الادبي، ا سهم تأليف الكتب المبكرة للأمثال، منذ أواسط القرن الثاني الهجري بإنتاج اول نماذج التأليف الأدبي العربية بعد ان سبقتها طول القرن الأول الهجري مدونات لم تعد تأليفا ادبيا لكنها هيأت مادة أولية مناسبة بهذه الكتب من خلال دورين الموريات الجاهلية، وفتحت المجال لاعتبار فاعليتها ضمن حركة سياق الثقافي ا لجديد ، وهي تمنح الثانوي والهامشي من الموضوعات والانواع فرصة الظهور في مؤلفات خاصة.

وان توجهت بالأساس لخدمة اللغة العرية حتي عدت دراسة الامثال بداية تصنيف المعجمات العربية . في تدوين الالفاظ ويضحها حسبما اتفق.

لقد شكل تأليف كتب الامثال في مرحلتها الاولي فرصة مهمة لنسق الثقافة العربية، الإسلامية لاحتضان نمط مغاير من مؤلفات لم تتوجه لاستقصاء فحص مدوناته بقدر توجهها ، علي ايدي علماء اللغة ، لالتقاط صيغ الامثال والاشتغال بالتمثل لها ، مهيئة المجال ، تحت اهداف لغوية محضة لرعاية بذار (أدبية ) عبر اعتنائها بنماذج امثالها التي اتخذت خلال عصور  انتاجها حسب تقسيم د صفا خلوصي ، ثلاثة اتجاهات.

الامثال، كونها شعبية انتهت في العصر الجاهلي ، مولدة ظهرت في العصر العباسي ،

خرافية قياسية موجزة امتدت من العصر الجاهلي الي العصر العباسي.

 يدعونا المخطط للنظر في موضوع شعبية الامثال واختصاصاتها باتجاه محدد من اتجاها الامثال العربية ن فاذا كان المعني يتغير بتغير الازمان والتجارب لتبدو ثمة معان قديمة واخري حديثة او مولدة، فان الشعبية  ظل سمة مهمة  تحتضي جانبا أساسيا من أمثال المراحل  جميعها ، تلك التي تختلف في مصادرها وعلة نشوئها من الامثال الذهنية لنابعة من لحكم والاقوال المأثورة او الامثال التابعة من الشعر ، او أمثال القران لكريم ، وربما اخذت الشعبية في تقسيم دكتور خلوسي معني عبر المدون في اشارته الي انتهائها مع العصر الجاهلي ، لتكشف خصائص الاتجاه الثاني ( خرافية قياسية موجزة )ما انتقص ل منه عبر مدونات الامثال الاولي الي العصرين الاموي والعباسي ، ممثلا مناسبة مهمة لتحولها من أمثال شعبية مردة تتناقلها الالسن الي مدونا تهتم بشكل ما بمساحتها النصية التي تجمع بين وحداتها الشعر الي جانب النثر ، تؤكد عنايتها بالتمثيل الحكائي واهتمامها بقصص امثالها وهي تسهم بدر جات متفاوتة ، باحتضان النموذج الخرافي وخلق مجال مناسب يعتني فيه بالحديث المستملح من الكذب،  عبر النقل والتدوين او اعتماد الحدس والتخمين واختراع القصص والحكايات الخرافية ، التي وجدت للإيهام  بوقعة المثل والارتفاع بها كونها صيغا مجردة الي تشكيلات حكائيه تهتم بالصور الحسية لتجاربها .

لقد ساعدت عملية استعادة الخرافة او انتهجها داخل نصوص الامثال في الحفاظ على جانب من الموروث الحكائي والانتقال به عبر الأنواع الثانوية والاشكال الهامشية خلال القرنين الأول والثاني الهجرين الي مراحل لاحقة شهدت نضوجا حكائيا تطور خلاله النموذج السردي تطورا ملموسا وتوفرت له بفضل عوامل متعددة فرسة اتساع عوالمه التخيلية وتعدد مستويات نصوصه ضمن حدودها التاريخية ومرتكزاتها وأنظمة اشتغالها السردي. يمكن اجمال السمات الخرافية في قصص الامثال بالنقاط الاتية:

أ – حكاية عن الحيوان.

ب – لحكاية من الاقوام البائدة.

ج-  الجذور الأسطورية لعدد من الشخصيات.

د-  التناقض بين الصفات المعنوية والجسدية لعدد من الشخصيات المعلومة في انتقالها من نصل الي اخر او في امتداد صيغ امثالها داخل النص الواحد.

ه – اعتماد نسبة مهمة من النصوص في شخصيات مغفلة، بلا  اسم او صفة ودونم تحديد زماني ومكاني  غير ما تقترحه قصة المثل من حضور خاص تكون الشخصية فيه ( بنت الواقعة ) او المظهر الإنساني لصيغة المثل .

نلاحظ أهمية حضور الخرافة ضمن نصوص الامثال لا بوصفها نوعا قصصيا بل بما تساعد في اقامته من أنواع قصصية تنحرف بعروياتها عن قول الحقيقة لتشغل بالخيالي  والمتوهم ن الحكايات والاخبار من دون ان توفر  لنفسها ضمن هذه النصوص غطاء اعتباريا تخضع فيه للإسناد الذي يفترض انتساب القول لصاحبه انها تعمل بارتكازها علي رض جاهلية علي تسويغ ظهورها وانتقالها من المدونات الاولي الي الكتب بما تقيمه مع صيغ الامثال من ارتباط تغدو فيه ركنا مهما من اركان القصة مثل ، وربما حفلت صيغ  الامثال بالعناية في المدونات والكتب المبكرة بسبب من ارتباطها بقصة تحمل من سمات الخرافة واصدائها ما يجعل منها مادة مناسبة للأسمار . وقد تلمس مؤلفو كتب الامثال المتأخرة حضور الخرافة في كتب الامثال المسابقة متخذين موقفا حازما منها وهم يتوجهون توجها منهجيا تراعي فيه علمية التأليف والتقسيم والانتقاء، اذا يشير المميداني في حديثه عن مصادر كتابه (مجمع الامثال) الي انه نقل ما في كتاب حمزة بن الحسن الي هذا الكتاب، الا ما ذكره ما خرزات الرقي ، وخرافات الاعراب من دون ان يحدد فهما دقيقا للخرافة المتروكة .

وربما وجد قبل إشارة الميداني ما يعين ما لا يتوافق مع العقل وما لا يقبله المنطق من الاخبار علي انه من الكذب، كما في كتاب (الكامل) للمرد الذي خصص باب من ابوابه تحت عنوان (من تكاذيب الاعراب) تطلعنا فيه بعض حكايات التي تنطوي أصلا علي صيغ أمثال وان وردت في كتب الامثال خصوصا ما يتعلق منها بالشخصيات ذوات المصادر الأسطورية.

عن الكاتب

عدد المقالات : 1669

اكتب تعليق

الصعود لأعلى