زياد جيوسي: حوا بطواش وحياة جديدة
زياد جيوسي
المصدر: رأي اليوم
“حياة جديدة” هي مجموعة قصصية للكاتبة الفلسطينية حوا بطواش من كفر كما في الجليل الأسفل من العمق الفلسطيني المحتل عام 1948، والتي سعدت باللقاء بها شخصيا لأول مرة على هامش حفل اشهار كتابي “أحلام فوق الغيم” في نادي حيفا الثقافي في مدينة حيفا، فأهدتني مجموعتها القصصية المكونة من ست عشرة قصة على مساحة 126 صفحة من القطع المتوسط من اصدار دار الهدى في العام 2020 م، مع غلاف أنيق وبسيط يضم صورة لفتاة على شاطئ بحيرة وهي تنظر للبعيد والغلاف الأخير مقطع من قصة وتعريف بالقاصة وإصداراتها السابقة من القصص وهما مجموعتان، والاهداء كان إلى “الذين لا يملون من البحث عن طريق جديد مهما قست عليهم الظروف وتاهت بهم الدروب”، والمجموعة أخذت عنوانها من القصة الأولى بالمجموعة.
القصة وعبر أشكالها المختلفة وأساليبها التي عايشتها منذ بدأت القراءة طفلا تشدني بقوة أكثر من الأجناس الأدبية الأخرى يليها الرواية؛ وأما الشعر فكان استثناء، وأما النصوص والكتب التي تعاني إشكالية التجنيس فتقع في آخر برنامجي، وما زالت القصة تشدني وكلما وقع بين يديَّ مجموعة قصصية سارعت لقراءتها وأعطيها أولوية في برنامجي اليومي بالقراءة والكتابة النقدية وإن كنت لا أرغب القصة القصيرة جدا، وبالتالي رفضت ما قاله البعض حول موت القصة لصالح الرواية وقد أشرت لذلك في أكثر من قراءة نقدية لمجموعات قصصية، والمؤسف وكما أشرت سابقاً في مقالات أو حوارات أن الكثيرين من الشعراء اتجهوا للرواية، فلم نكسب روائيين جيدين وخسرناهم كشعراء كان لهم وزنهم في فضاء الشعر، وأيضا خسرنا قاصين جيدين اتجهوا للرواية أيضا، ولو استمروا في مركب القصة لكان أفضل لهم من زورق الرواية الذي جعل الأمواج تتلاعب بهم.
المجموعة القصصية “حياة جديدة” تستحق الاهتمام وقد اخترت بعضاً من هذه القصص لتعطي فكرة عن المجموعة القصصية مع بعض الملاحظات عليها وعلى باقي القصص أيضا، وسنلاحظ ومنذ القصة الأولى”حياة جديدة” أن القاصة تتجه لمعالجة قضايا اجتماعية موجودة بالمجتمعات، ومنها قضية صبرت عليها بطلة القصة سنوات طوال من خيانة الزوج وكما ورد في القصة: “يحتفظ بي في بيته الكبير، كأي تمثال جميل أو لوحة أو كرسي، ويقيم علاقات كثيرة مع العديد من النساء”، فتقرر بعيدا عن نصائح والدتها التقليدية أن تقدم لزوجها في حفل عيد ميلاده الأربعين هدية، بأن تتركه وأمواله وموقعه المجتمعي خلال الحفل وتتسلل بهدوء وتتجه حسب ما قالت: “إلى حيث حياة جديدة تفتح لي أبوابها، تحفظ كرامتي وانسانيتي”، وهذا قرار صائب ولكن ظروف عدم التمكن من الانجاب وعدم وجود ابناء تدفعني للتساؤل هل لو وجد الأطفال هل كانت ستتخذ هذا القرار؟.