انت هنا : الرئيسية » الواجهة » يونس عودة: الكتابة للأطفال من منظور الكاتبة العربية المعاصرة إيمان بازرباشي

يونس عودة: الكتابة للأطفال من منظور الكاتبة العربية المعاصرة إيمان بازرباشي

يونس عودة

المصدر:رأي اليوم

عن ‌أنس بن مالك رضي الله عنه «أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله”. 6247/ البخاري.

إن أجمل الكلمات ما كانت تحض على الفضيلة والأدب، وفن التعامل مع الاخر. وبما ان المجتمعات عامة، والاسلامية خاصة، تقوم على الاهتمام بالأطفال وحسن تربيتهم، كونهم مستقبل الامة ، فقد نالوا النصيب الاكبر من الاهتمام.

ومن هنا ارتأت الكاتبة إيمان بازرباشي ان تخصص من وقتها (المليء اصلا بالنشاطات والكتابات، سواء في ما يتعلق بكتابة المادة المسرحية، القصة ، السيناريو لمسلسلات درامية)،  ارتأت أن تقدم اجمل محتوى- وبكل اخلاص- يخدم عالم الاطفال.

تدرك الكاتبة بازرباشي انها امام تحد كبير حين خاضت هذا النوع من الكتابة؛ فعليها ان تكون دقيقة في اختيار كلماتها والموضوع. فالكلمات يجب ان تكون رشيقة سهلة معبرة هادفة، بعيدة عن الكلمات الجزلة والصعبة.

تعترف الكاتبة بأن الطفلة في داخلها هي من يشجعها على الكتابة للأطفال. ولكن ما صفات وخصائص واهداف هذه الكتابات.

وكون الكاتبة تستند الى موروث ديني واخلاقي راقيان، فقد شحذت الهمة وبدأت في الكتابة على ضوء هذين الامرين. فكتاباتها للطفل تراعي عمره، وطبيعة حياته، ومكامن مشاعره من حب وخوف ورغبة في عمل اشياء معينة. فالطفل يتفرد برؤى وتصور؛ بل وتصرف كذلك لما يدور حوله. كل هذا يدخل في حسبان بازرباشي وتتمثله في اسلوب جميل ماتع.

كما لا تغفل الكاتبة عن القيم المجتمعية والثقافة الصحيحة التي تتوافق والفطرة السليمة ومثال ذلك، على سبيل السرد، لا الحصر: الاهتمام بمساعدة واحترام كبار السن، طاعة الوالدين، تقديم الخير للمحتاجين والتحلي بالسلوك الحسن وتطبيقه قولا وفعلا.

تدرك الكاتبة إيمان أن على كاتب الاطفال ان يكون مطلعا على الاعمال الادبية التي تطرقت لهم، اضافة الى قراءة افضل الاعمال التي تم نشرها مسبقا عن الاطفال ذات المستوى اللغوي الجميل الشاحذ للهمم بغية الارتقاء بشخصياتهم. فالاطلاع على الحديث من الكتابات مفيد جدا، لكن لا غنى عن التطرق الى القديم، أحيانا.

ولكي تتمكن الكاتبة بازرباشي من ايصال رسالتها الى فئة الاطفال، تدرك –وهذا ما تفعله- ان الكاتب المجيد للأطفال عليه قضاء وقت معتبر معهم، يخالطهم ويتحدث اليهم  والى اصدقائهم للتعرف على الاشياء التي يجدونها ممتعة في عالمهم الخاص. كما لا يخفى على احد، ان الكاتبة تتواصل مع الكبار الذين يتعاملون مع الاطفال: فلا مانع من التقصي وسؤال المعلمين والمعلمات عن ابرز السلوكيات الجميلة لدى الصغار لتنميتها ومساندتها، والتخلص من بعض السلوكيات الغريبة ونبذها. كل هذا يصب في خانة تنمية الاطفال عن طريق تضمين السمات الجميلة في قصصهم.

من يتابع منشورات الكاتبة بازرباشي، يدرك تلك الفطنة والذكاء لديها حين تدعم القصص برسومات شائقة معبرة ذات جاذبية ومتعة.

وهنالك مطلب ضروري يجب ان يتوفر في كاتب قصص الاطفال وهو الامانة والصدق في الطرح، وعدم تزيين السلبيات الممقوتة في المجتمع، والحرص على مكارم الاخلاق. كل هذا يجب ان يكون في لغة صحيحة من حيث النحو والمفردات وبلورتها بطريقة تخدم الطفل، ولا بأس من تدعيم تلكم الكتابات بالآيات القرآنية، والاحاديث النبوية، ومواقف من سير الصحابة والعظماء، سواء المعاصرون، أم السابقون.

ولكي تصل الرسالة الى مجتمع الاطفال، يتوجب على الكاتب مراعاة المرحلة التعليمية للأطفال؛ فأطفال المهد، غير اطفال رياض الاطفال، غير اطفال المرحلة الابتدائية، غير اليافعين. ومما يحسب للكاتبة ايمان انها خصصت قصصا لكل فئة عمرية لضمان الافادة القصوى من المحتوى.

العالم الان يشهد نقلة نوعية في التطور، خاصة في مجال التكنولوجيا والسوشيال ميديا. وهنا يتأثر الطفل بشخصيات اخرى قادمة من كل اصقاع المعمورة، وتكمن الخشية في تقليد الاطفال للقادمين الجدد، وحتى في هذا المضمار، ربما الاب قد فقد السيطرة على توجيه ابنائه، واصبح دوره قيلا نتيجة لمشاق الحياة ومتطلباتها لضمان تأمين لقمة العيش لأبنائه. فالحياة اجبرت بعض الاطفال الى تحمل مسؤولية المهام الاسرية جنبا الى جنب مع ابائهم. وهنا تتسع الهوة بين الكتابة للأطفال كنشء مستقبلي، او الكتابة عن الاطفال.

لذا نستشف مما تحويه كتابات بازرباشي انها تقرن المحتوى بالفئة العمرية للأطفال اولا، ثم للكبار ثانيا، لأجل التعرف الى احتياجات اطفالهم وتوجيههم الوجهة المثلى.

امر اخر يتجلى في كتابات ايمان وهو ما يتعلق برسالة غير مباشرة لتمكين الاطفال، ليس فقط القراءة، بل شحذ هممهم لحب الاستطلاع والبحث والتمحيص في ما يقرؤون. انه عمل رائع كونه يشجع ويغرس في شخصياتهم ما بات يسمى ” القراءة النقدية”.

الكتابة للأطفال تجلب المتعة للكاتب الصادق في طرحه، ولا يفتأ يقدم خلاصة تجاربه للأطفال بطريقة سلسة مستساغة تتطرق الى اساسيات القيم المجتمعية وهذا الاهم، ناهيك عن قدح عقولهم الغضة بمواضيع تخدم مستقبلهم، والتركيز على الكتابة الهادفة لتنمية المهارات العلمية التي تسيطر على العالم التكنولوجي كالكمبيوتر ووسائل التواصل الاجتماعي لتكون مناسبة لروح العصر، فالأمي الان هو امي التكنواوجيا.

في نهاية المقال، لا يسعنا الا ان نرفع القبعة للكاتبة العربية المعاصرة” إيمان بازرباشي” لتسخيرها الكثير من وقتها للنهوض بفئة الاطفال—مستقبل الامة الواعد.

سلطنة عُمان

عن الكاتب

عدد المقالات : 1687

اكتب تعليق

الصعود لأعلى