انت هنا : الرئيسية » الواجهة » شميسة غربي: النص يُعيد نفسه.. كما التاريخ يعيد نفسه

شميسة غربي: النص يُعيد نفسه.. كما التاريخ يعيد نفسه

 

المصدر:رأي اليوم

وأنا أُتابعُ أخبارَ المَقدِسيين، فتحْتُ دُرْجَ مَكتبي… وجَدْتُني كتبْتُ ذات رمضان / شهر جويلية 2014:

مَرَاثي النّحيب:

غزّة الثكلى… غزّة المفجوعة… غزّة السّابحة في الدّماء السّاخنة… غزّة الصّائمة  رَمضَانَها تحت هدير القصف، و لهيب الحريق… غزّة… المُفْطِرَة مع أذان المغرب؛ على عويل الأمّ… و احْتضار الطفل… و صُراخ الشابّ… و حشْرَجَة الشيْخ…

غزّة…. الجُرْحُ النّازِفُ على جَبينِ الأمَّة… برَامِجُ القنوَاتِ العرَبية تتنافسُ على عرْضِ وَصَفات الأطعِمَة الشهِيّة في رمضان… و غزّة تئنُّ تحت سياط الجــــــــــــــــــــــوع…

برامج القنوات العربية تتفنن في كْليبات الرّقص و المرَح… وَغزّة المَكْلومَة تفْقِدُ السّمْع من جرّاء صوْت الرّصاص و فرقعات القنابل وَ دَوِيّ القذائف… فلا الأذنُ المُصَابة تسْمع… ولا العيْنُ المَسمولة؛ ترى… و لا اليد المقطوعة تقْوَى… ولا الرِّجْلُ المبْتورة تهْرُب… وأيْن تهْرب…؟ يا الله.. يا الله…!

غزّة… بَحَّ صوْتُها على أشْلائها المُتناثِرة… غزّة… بَحَّ صوْتُها على أيّامِها المَغْموسَة في الدّم المُخثّر…

بَرامجُ القنوات العربية تتفنّنُ في إشْهارَات العُطور… ومَرَاهِم ترْطيب الجُلود… و غزّة ثمِلَة بعِطر الموْت… و رَوَائح الجِلد المحْرُوق… و النّتوء العَظمِي… و تَحوُّلِ الجسَد المسْلوخ إلى هيْكلٍ أزَليّ… هيْكل يتجدّد… يكْسوهُ اللّحْمُ حتّى ولوْ بلغ عَددُ الضّحَايا حسب الإحْصائيات المؤقتة: 1400 شهيد… يُقابِلها 1400 مولود…! زمنُ القصْف؛ يَلِدُ ذلك الزّمَنَ الصّوفِي العجيب… فتتناسلُ الكرَامات مِنْ رَحِم الإجْهاض… و يصْرُخُ موْلودٌ جَديد، و على النّعْشِ جسَدُ الشهيد… يا الله…. يا الله…!

تتفجّرُ الأنْفاق، يشتدُّ الضّيْم، و تنْطلقُ صفارَاتُ الإجْرَام في فضاء التّصْفيات… و المُساوَمَات و يتمطط “المُنافقون” في السّاحة العرَبِيَة… يتثاءَبُون…يلْتفِتونَ ذاتَ اليمين و ذاتَ الشّمال…يتربّعون على كرَاسِي العَاجِلة…! و… ترْتفعُ حصيلة الحَصَاد إلى 1983 شهيد…!

و تستمرّ الفاجعة… و يزيد التثاؤب… فهلْ مِنْ كفٍّ عَظيمَة؛  تُوقِفُ هذا التّثاؤُب…!؟

النص الجديد…. رمضان/ ماي/ 2021

يتحوّل المسجد إلى ساحة حرب، وينقضُّ الغرباء على حرمة حيّ “الشيخ جرّاح…”

كان الله معك يا قدْسُ… يا وجعَ الأحْرار… يا مُلْهمة البصائر والأبصار… كان الله معكِ يا مهبط الأنبياء… يا روضة قبور الشّهداء…. الفرجُ قريب… النّصرُ على الأبواب… عِطرُ الدّماء يفعَمُ السّماء…. ترَاتيلُ التّكبير تُرْبِك المِدْفَع الغادِر، وتُفْشِلُ ضجيجَ الرّشّاش الهادِر وَتعِدُ بتحْقيق الحُلم الغابر… وحتى ذلك اليوم؛ أستوْدِعكِ ربّ العالمين….

عن الكاتب

عدد المقالات : 1615

اكتب تعليق

الصعود لأعلى