سد فجوة الأجور بين الرجال والنساء
عمر بولسالمدير العامل لشركة
في الشرق الأوسط وتركيا – ” وكالة أخبار المرأة “
احتفل العالم في مارس/ آذار باليوم العالمي للمرأة، وهي مناسبة رائعة، فالنساء، بكل تأكيد، جزء لا يتجزأ من المجتمع. فضلاً عن كونهن شقيقات أو بنات أو أمهات، مهندسات شغوفات، ومعلمات ملهمات، ورائدات أعمال استثنائيات. ومن الياف كيفلار التي أنقذت أرواحاً لا تحصى، إلى عزل الخلايا الجذعية البشرية التي قد تقود في يوم ما إلى اكتشاف علاج لمرض السرطان- أسهمت النساء في تشكيل العالم الذي نعيش فيه. وعلى أي حال، رغم دورهن الحيوي، والمكتسبات الاجتماعية المحققة مؤخراً، لا تزال النساء يفتقرن إلى تقاضي أجور مساوية لأجور أقرانهن الرجال.
لكن هناك جانب إيجابي في القضية؛ إذ يمتلك قادة الأعمال القدرة على تقليل، إن لم يكن إزالة، فروقات النوع الاجتماعي في الترقيات الوظيفية والأجور بشكل مؤثر. فقد كشف تقرير حديث أصدرته (Accenture) في اليوم العالمي للمرأة عن 40 إجراء يمكن لقادة الأعمال اتخاذها لجعل أماكن العمل أوساطاً يمكن للجميع إحراز التقدم والتطور فيها.
وأمام قادة الأعمال أساليب متنوعة لاتباعها لتغيير ثقافات شركاتهم. إلا أن بحثنا تضمن 3 خطوات رئيسة تسهم في تحقيق ذلك على أفضل نحو ممكن:
اتبع نهج القيادة الجريئة الذي يحدد أهداف المساواة والعدالة، وينشرها، ويقيسها بوضوح، ويجعل من التنوع الاجتماعي أولوية لدى الإدارة: وجدنا نساء تزيد أعدادهن على 3 أضعاف تقدمن بسرعة- أي اللاتي احتللن مناصب مديرات خلال 5 أعوام، وتقدمن على نظرائهن الرجال- في منظمات تعمل فيها امرأة واحدة على الأقل بوصفها كبيرة المديرين. بالإضافة إلى ذلك، المنظمات التي يتحمل القادة فيها مسؤولية زيادة التنوع الاجتماعي، لاحظ %80 من المجيبين على الاستبيان بشأنها ارتفاعاً في أعداد القيادات النسائية خلال 5 أعوام.
طور خطة عمل شاملة، تضم سياسات ومهمات تراعي الظروف الأسرية، وتركز على استقطاب النساء، والاحتفاظ بهن، وتحرص على تقدمهن: أظهر بحثنا أن بعض السياسات التي تبدو في ظاهرها مفيدة للنساء يمكنها في الحقيقة إحداث تأثير معاكس ومناقض. لذلك، يتعين على قادة الأعمال اتباع أسلوب شامل عند مراجعة السياسات القائمة، وسن سياسات جديدة، لضمان التأثيرات الإيجابية. وقد يجري التغاضي عن الترقيات الوظيفية للنساء في المنظمات التي تمنح إجازات أمومة فقط على سبيل المثال. إلا أن منح الشركات لإجازات الأبوة والأمومة، يزيل التأثير السلبي الذي ترزح تحته الترقيات الوظيفية للنساء.
أرسِ دعائم بيئة تعزز شعور الأفراد جميعهم بنيل بالاحترام، والحرية ليظهروا إبداعاتهم وابتكاراتهم، والقدرة على تلقي التدريب المناسب الذي ينمي المهارات، والفرص للعمل بمرونة: ترسي الشركات والمنظمات، التي تطور موظفيها عبر تقديم التدريب المناسب الذي ينمي المهارات، دعائم بيئات وأوساط تتقدم فيها النساء على نحو أسرع. يقول %90 من الموظفين العاملين في منظمات تطبق الإجراءات الـــ40 أن أرباب أعمالهم يوفرون لهم التدريب الدائم أو المعتاد لضمان مواكبة مهاراتهم للتطورات والمتغيرات.
وربما تكون إحدى أكثر النتائج إثارة للاهتمام في التقرير، هي شيوع ثقافة المساواة التي تسمح للرجال أيضاً بالوصول إلى قمة مستوياتهم المهنية في الشركات التي تطبق تلك الإجراءات. كما وجدنا، في هذه الشركات، ازدياد احتمالات ترقي الرجال إلى مناصب مديرين فأكثر بنسبة %23، وازدياد احتمال ارتقائهم إلى مناصب كبار مديرين فأكثر إلى الضعف مرتين بنسبة %118. وقد بدا %94 من الموظفين ذكوراً وإناثاً، راضين عموماً عن تقدمهم الوظيفي.
وفي حين تنعكس آثار هذا التغيير على الجميع، لكن النساء في النهاية، هن الحائزات على أعظم المكاسب. وعلى مستوى العالم، نجد أن نحو 84 مديرة من الإناث مقابل كل 100 مدير من الذكور، وهذا مقارنة بـ34 مديرة من الإناث فقط اليوم. نتيجة لذلك قد تزداد أجورهن بنسبة %51، أو قد تصل إلى 30 ألف دولار إضافية لكل امرأة سنوياً، مما يعني حصول النساء على أجور إضافية تبلغ 2.9 تريليون دولار سنوياً.
من ناحية أخرى، ستستفيد الشركات نفسها استفادة عظيمة من هذه التغيرات أيضاً. وعندما يضع قادة الأعمال المساواة في النوع الاجتماعي ضمن أولوياتهم، ستغدو المنافع المالية للشركات مبهرة، لأن أماكن العمل ستصبح حينها أكثر تنوعاً وأسعد وأقدر على الاحتفاظ بالمواهب. إذاً، فتضييق فجوة الأجور في النوع الاجتماعي يصب في المصلحة العليا للجميع.