لكن عندما تبدأ تلك الصناعة في ترتيب أمورها الشهر الحالي ، سيتعين أن تفكر في شيء آخر، حيث قدمت وحدة أبحاث السوق الخاصة التابعة لرابطة صناعة الكتب في كانون ثان/يناير الماضي بيانات تشير إلى هبوط لافت للنظر لدى المشترين للكتب، وهو تقرير أثار قلق الناشرين والبائعين على حد سواء.

وأظهرت الارقام أنه- باستثناء الكتب المدرسية والمراجع ، انخفض عدد المشترين للكتب الالمان بواقع أكثر من ستة ملايين شخص في الفترة ما بين عامي 2012و.2016 واستمر هذا الاتجاه في عام .2017

وهذا التطور لفت فقط انتباه الناس في وقت متأخر جدا نظرا لان أرقام الايرادات، الصادرة عن الصناعة ظلت مستقرة للغاية. والرقم الحقيقي للكتب، التي تم بيعها تراجع فقط بشكل طفيف، وسط اتجاه لعدد أقل من المشترين، الذين يشترون المزيد من الكتب بشكل عام والكتب الاغلى ثمنا.

ويفرض ذلك ليس فقط فجوة متزايدة في السلوك الشرائي؛ إذ أن ما يثير انزعاجا بشكل أكبر لصناعة الكتاب هو أن السلوك المتعلق بالقراءة يتغير.

وطبقا لمعهد “الينسباخ” لاستطلاعات الرأي، أظهرت دراسة عام 2017 أن عدد الالمان، الذين اشتروا كتابا واحدا على الاقل مرة أسبوعيا تراجع من 49 بالمئة في عام 2012 إلى 42 بالمئة العام الماضي.

وقبل كل شيء هذا التراجع تم رصده بين القراء الاصغر سنا14- إلى 29 عاما- بالاضافة إلى الجيل المتوسط30- إلى 59 عاما.

وفي الوقت نفسه، وصل الاتجاه نحو قراءة عدد أقل من الكتب أيضا إلى الاشخاص من المستويات التعليمية الاعلى.

ويقول الكسندر سكيبيس، المدير الاداري لرابطة “الناشرون وبائعو الكتب” الالمان “تأخذ الصناعة الوضع على محمل الجد للغاية. وتضيف أنكه فوجيل من معهد “دراسات الكتاب” في جامعة ماينز “تبدو الارقام مزعجة بشكل نسبي.

من خلال الدراسات الاستقصائية، تبحث رابطة الصناعة حاليا في الاسباب المحددة وراء تناقص أعداد مشتري الكتب. ومن المتوقع صدور النتائج في حزيران/يونيو المقبل.

لكن بالفعل، تشير الاصابع الى مواقع التواصل الاجتماعي مثل، فيسبوك و”واتساب” و”إنستجرام” بوصفها أسباب محتملة، حيث تتنافس مع الكتب بالنسبة للاهتمام ووقت القراءة.

وفي الوقت نفسه، تغيرت عادات الناس الاعلامية بشكل إجمالي ، مع ظهور مطالب جديدة في مكان العمل. وتقول أنكه فوجيل إن ذلك يضاف إلى “سببية متعددة”، تؤدي إلى “انخفاض” في اتجاه وسائل الاعلام التصويرية.

حتى في أحسن النوايا ، من الصعب للغاية قراءة كتاب على هاتف ذكي، الذي أصبح الان الرفيق الاهم للبشرية.

وفي الوقت نفسه،فإن الكتاب الالكتروني، طبقا لاحدث الدراسات، لم يثبت نفسه، إلى أي حد كبير، مع جيل من الشباب، يتمتع بالذكاء من الناحية الرقمية، بصورة أخرى.

لذلك فإن التطور لم يفاجئ الناشرين تماما، في ضوء الحديث منذ سنوات بشأن أزمة الاعمال المطبوعة. وظهرت فجأة أول حركات مضادة بالفعل، واحدة منها ما يسمى باتجاه “القراءة البطيئة”، كوسيلة للابطاء من وتيرة الامور في عالم مفعم بالنشاط.

ويقول سكيبيس “الشوق لاشخاص لمثل تلك الواحات من الابطاء والسلام والهدوء، هائل للغاية “، ويرى فرصة لناشري وبائعي الكتب.

وبالنسبة لفوجل، فإن الكتاب قبل كل شيء ينطوي على أهمية كبيرة، بالنسبة لقراءة أعمق للمعلومات. وترى أنه يتعين على المدارس تعزيز جهودها. وأضافت أنه بعكس الولايات المتحدة أو الدول الاسكندينافية، حيث أن “القراءة العميقة” متوفرة في المنهج الدراسي، ليس هناك أي تعليمات للقراءة في المدارس الابتدائية. وتابعت أنه يتعين تعزيز كفاءة القراءة، لاسيما بالنسبة لأولئك الذين يأتون من خلفيات غير متعلمة.

وتظهر الدراسات أنه مازال من الممكن تحفيز المراهقين لقراءة الكتب. ومنذ سنوات، مازال عدد المراهقين من 12 إلى 19 عاما، الذين يقرأون للمتعة مطردا .

وطبقا لدراسة أكاديمية للشباب والاعلام لعام 2017، قام بها أحد معاهد الابحاث في ولاية بادن-فيرتمبرج الالمانية، فإن فتاة واحدة من كل اثنتين وفتى واحد من كل ثلاثة، يقرأ كتبا بشكل منتظم.

ولا يهدف الناشرون أيضا للاستسلام في هذا العصر الذي يتميز بفيض لا حصر له من المحتوى المصور.

وكتب يورج بونج، رئيس مجموعة “إس.فيشر” للنشر في تعليق أخير بصحيفة “فرانكفورتر الجيماينه تسايتونج” إن “الكتاب يجعل التحليل المتعمق ممكنا”.