انت هنا : الرئيسية » الواجهة » النساء مازلن يفتقدن لحقهن في المعرفة

النساء مازلن يفتقدن لحقهن في المعرفة

أغلب النساء لا يعرفن الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي يتعرضن لها أثناء النزاعات وما بعدها احتياجات النساء عند اختفاء أحد أفراد الأسرة لا تنحصر بالنص

عمان – خاص بـ ” وكالة أخبار المرأة

بتاريخ 21/12/2010 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها رقم (65/196) يوم 24 آذار / مارس من كل عام يوماً دولياً للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامة الضحايا.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن اختيار هذا اليوم جاء كونه يوم اغتيال المونسنيور أوسكار أرنولفو روميرو من السلفادور بإطلاق سفاح النار عليه أمام كنيسة بتاريخ 24/3/1980 ، واعترافا من المنظمة الدولية بالعمل الهام والقيم الذي اضطلع بها في حماية الأرواح وتعزيز كرامة الإنسان ومعارضته لجميع أشكال العنف ودعواته المستمرة للحوار وتجنب المواجهة المسلحة. وشارك  المونسيور في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في بلده وحظي عمله باعتراف دولي لما كتبه من رسائل استنكر فيها حقوق الإنسان التي تتعرض لها أشد فئات السكان ضعفاً ومن بينها النساء والأطفال.
إن الاعتداءات الجنسية على النساء كالاغتصاب والتحرشات أثناء النزاعات وما بعدها تشكل أشد الانتهاكات إيلاماً من الناحيتين الجسدية والنفسية ، وتعرض النساء و / أو أحد أفرد أسرهن أو أكثر الى التعذيب والاختفاء القسري والقتل ، تشكل جميعها جرائم تتطلب الكشف السريع عن سبب ارتكابها والظروف التي أدت الى ارتكابها ومعاقبة الفاعلين لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات مستقبلاً.
فمن حق الضحايا / الناجيات من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني الحصول على تعويض فعال ، ويشمل ذلك حقهن في معرفة الحقيقة حول الانتهاكات التي عانين منها والأسباب التي أدت الى ارتكابها ومعرفة مصير ومكان وجود المختفيات والمختفين قسراً والتعرف على مرتكبي الانتهاكات. كما أن المعرفة الدقيقة للانتهاكات قد تمنع تكرارها ، ويمكنها من شفاء آلام النساء بعد تلك الانتهاكات ، وقد يستعدن كرامتهن الشخصية ، وحمايتهن من سياسة الإفلات من العقاب والإنكار.
ولا تقف احتياجات العائلات خاصة احتياجات النساء عند معرفة مصير أحد أفراد الأسرة الذي فُقد وإنما تمتد لتطال العديد من الأمور القانونية ذات العلاقة بوضع المفقود غير المحسوم ، كالإرث والملكية والحالة العائلية من زواج أو طلاق وحضانة الأطفال ، بالإضافة الى الأمور المالية الناشئة عن رحلة البحث المضنية عن المفقود ، وتلك المتصلة بإعالة الأسرة في حال كان المفقود هو المعيل الوحيد لها.
وتضيف “تضامن” بأن احتياجات النساء تمتد في أغلب الأحيان لتؤثر في النساء من الناحية النفسية ، وتشير اللجنة الدولية للصليب الأحمر الى وجود احتياجات هائلة لما تعانيه النساء من الانطوائية والشعور بالذنب والغضب والاكتئاب أو الصدمة والتوتر عند أفراد العائلات أو أفراد مجتمعاتهم ، كما وتحرم النساء من طقوس جنائزية ذات طابع ديني أو ثقافي ، فلا يجدن من السلوان إلا القليل.
واعترافا من المجتمع الدولي بأهمية الحق في معرفة الحقيقة ، فقد تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 18/12/2013 قرارها رقم (68/165) بعنوان “الحق في معرفة الحقيقة” ، والذي أشارت فيه الى مجموعة من الصكوك الدولية ومنها الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري خاصة الفقرة الثانية من المادة 24 والتي تنص على حق الضحايا في معرفة الحقيقة عن ظروف الاختفاء القسري وسير التحقيق ونتائجه ومصير الشخص المختفي ، والفقرة الثالثة من نفس المادة التي تلزم الدول الأطراف باتخاذ التدابير الملائمة بهذا الخصوص. كما أشار القرار الى مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية وتعزيز حقوق الإنسان من خلال مكافحة الإفلات من العقاب ، والى ضرورة اتخاذ الخطوات الكفيلة بتحديد هوية الضحايا في الحالات التي لا تشكل نزاعاً مسلحاً خاصة في حالات الانتهاكات واسعة النطاق والمنهجية لحقوق الإنسان.
كما ويؤكد القرار على أهمية إجراء الدراسات لبيان علاقات الترابط القائمة بين الحق في معرفة الحقيقة والحق في الوصول الى العدالة والحق في الحصول على انتصاف فعال وفي الجبر ، خاصة في حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني. ويعترف القرار بأهمية احترام وضمان الحق في معرفة الحقيقة من أجل المساهمة في وضع حد للإفلات من العقاب وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.
ولتحقيق هذا الهدف فقد رحب القرار بإنشاء عدة دول لآليات غير قضائية وآليات قضائية محددة كلجان الحقيقة والمصالحة التي تكمل نظام العدالة ، وشجع الدول ذات العلاقة بنشر توصيات الآليات غير القضائية وأن تعمل بها وترصد مدى تنفيذها. ويشجع القرار الدول الأخرى على إنشاء آليات غير قضائية وتقديم المساعدات اللازمة والملائمة لها بما فيها التعاون التقني وتبادل المعلومات بشأن التدابير الإدارية والتشريعية والقضائية وغير القضائية.
وقامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر خلال نهاية عام 2016 بتقديم “المساعدات الغذائية وغير الغذائية بالإضافة إلى المياه والرعاية الصحية وخدمات إعادة الروابط العائلية لما يقرب من 360 طالب لجوء عالقين في مركز الرويشد المؤقت منذ حزيران/يونيو الماضي. وسعياً للتخفيف على الفئات المستضعفة في المجتمعات المضيفة وعلى الأخص مع قدوم فصل الشتاء، فقد عملت اللجنة الدولية وبالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر الأردني على توزيع الطرود الغذائية والصحية بالإضافة إلى الملابس الشتوية لأكثر من 3000 عائلة سورية وأردنية في خمس محافظات جنوبي المملكة كما تم تقديم مساعدات نقدية شهرية لأكثر من 2800 عائلة سورية معظمها تعيلها نساء”.
ويشار الى أن اللجنة تعمل في الأردن منذ عام 1967 ، وتتمثل أولوياتها في رصد المعاملة التي يلقاها المحتجزون والمحتجزات وظروفهم / ظروفهن المعيشية، واستعادة الروابط العائلية التي مزقتها النزاعات ، والمحافظة عليها ، والتعريف بالقانون الدولي الإنساني ، ودعم جمعية الهلال الأحمر الأردني ، إضافة إلى ذلك يعد الأردن مركزاً مهماً للأعمال اللوجستية والتدريبات التي تجريها اللجنة الدولية في العراق ولبنان وسوريا وفلسطين واليمن ، كما تعد عمان مركز التدريب الرئيسي لبعثات اللجنة في الشرق الأوسط ودول البلقان والقوقاز.
واستنادا الى دراسة مفصلة عن الاحتياجات الخاصة بالنساء المتضررات من النزاعات المسلحة بعنوان “النساء يواجهن الحرب” ، أصدرت اللجنة دليلاً بعنوان “تلبية احتياجات النساء المتضررات من النزاعات المسلحة : وثيقة توجيهية” يقدم معلومات ذات طابع عملي حول العمل مع النساء ومن أجلهن بطريقة أفضل في مجالات مختلفة كالوقاية والحماية لمنع إساءة معاملة النساء خاصة من الاعتداءات الجنسية ، وظروف احتجاز النساء ، وجمع البيانات التي تراعي النوع الاجتماعي والمساواة بين الجنسين .
وتؤكد اللجنة على أن النساء الأكثر تضرراً عند فقدان أحد أفراد الأسرة خاصة الأزواج :”فغالباً ما يضاف قلق عدم معرفة مصير أحد الأحباء وعدم القدرة على إتمام عملية الحداد على قريب أصبحت وفاته شبه مؤكدة , إلى الصعاب الاقتصادية الناجمة عن فقدان معيل الأسرة. وتواجه النساء اللاتي اختفى أزواجهن العديد من المشاكل نفسها التي تواجهها الأرامل بالرغم من عدم الاعتراف لهن بهذا الوضع. فهن لا يعتبرن زوجات ولا أرامل ويفتقرن إلى الدعم القانوني الذي يحق لأرملة التمتع به , وهو بالتالي ما يعرض للخطر حقوقهن في التملك, والميراث, والوصاية على الأطفال, وإمكانية الزواج مرة أخرى.”
وتشمل مساعدة النساء في ظل هذه الظروف تحقيق الأمن الاقتصادي من خلال برامج تساعدهن على استعادة استقلالهن وكرامتهن ، والحد من تعرضهن للخطر عند قيامهن بأعمالهن اليومية وتأمين احتياجات أسرهن ، وتمكين النساء من الحصول على الرعاية الطبية لهن ولأطفالهن بتقديم الدعم للمراكز الصحية التي تخدمهن ، وضمان إعادة تأهيلهن من إصابات النزاعات وتمتعهن بنفس خدمات إعادة التأهيل الجسدي التي تقدم للرجال.
هذا وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2006 “الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري” ، وتهدف الاتفاقية إلى منع وقوع حوادث الإخفاء القسري ، وكشف النقاب عن الحقيقة في حالة وقوعها ، ومعاقبة الجناة ، وتقديم تعويضات للضحايا أو لعائلاتهم. وفي 30 أغسطس / آب من عام 2008 عمل التحالف الدولي لمكافحة حالات الاختفاء القسري على الترويج للتصديق على الاتفاقية.

عن الكاتب

عدد المقالات : 1687

اكتب تعليق

الصعود لأعلى