رسولية الأدب المهاجري من خلال بعض أعلامه
كان للغرب تأثير في الشرق في عصر النهضة، على مختلف المستويات. حتى أن الشرق نفسه أخذ يتطلع ناحية الغرب و يستعير من مدارسه الأدبية السلاح القوي و الصالح لمقاومة القديم. لكن تيارين حديثين ظهرا في غمرة حركة تحديث الشرق:التيار المحافظ المتعلق بالقديم في مواجهة حركت التحديث،و التيار التطوري(التقدمي) الذي أخذ ينظر إلى المستقبل في محاولة اللحاق بالركب الغربي الحديث من أجل مستقبل يليق بالشعوب العربية. وقد حقق هذان التياران توازنا في عملية الصراع النهضوي العربي وإن كان أنصار التحديث أقل إقبالا على أ ساتيذهم من مريدي المحافظين.
و بدءا من أوائل القرن التاسع عشر، أخذ الفكر الإسلامي يميل إلى حركة توفيق أومصالحة مع الفكر الغربي،لكن بحذر ،وقد عبر عن ذلك قول لجمال الدين الأفغاني:”إن علاج الأمة يتم برجوعها إلى قواعد دينها و الأخذ بأحكامه على ما كان في بداياته”،و لم يمانع في الأخذ من الغرب ما يوافق الطبع العربي-الإسلامي و جوهر الدين.
غير ان لبنان مقيما و مغتربا، كان أسرع استجابة إلى دواعي التجديد من أي بلد عربي.بما في ذلك مصر التي كان التحديث و التجديد فيها على الصعيد العلمي قائما منذ ولاية محمد علي.، وسبب ذلك أن لبنان، بما له من أكثرية مسيحية و علائق حضارية مع الغرب،كان أشد تقبلا و انفتاحا لمؤثرات المسيحية الغربية، فغدا رائد العروبية التحديثية حيث انشغل في تنقية اللغة وتهذيبها، و في تقدم الأدب العربي، و كان المساعد على
ذلك انتشار الإرساليات الأجنبية و ترجمة الكتاب المقدس (1830). زد على ذلك المهاجرة إلى مصر وإلى العالم الجديد.
فكان لهذه الهجرة يد بيضاء على لسان العرب دينيا و أدبيا كما يقول مارون عبود، و يعنينا منها هنا الهجرة الأدبية، ذلك أن
أدب المدرسة السورية-اللبنانية في أمريكا الذي سار في التطور الأدبي أشواطا بعيدة و جرب-على نجاح ملموس-أن يكون على مستوى الآداب الغربية،كما طليعة الحركة الأدبية العربية الجديدة لبعض الوقت.و صار له أتباع و مريدون في العالم العربي.وهكذا بات الأدب العربي وليد ما بعدالحرب العالمية الأولى يفيد من منابع أدب المهاجر.وإن الحداثة العربية العربية
بمعناها النقدي كانت إرهاصات في كتابات المهاجرين و لاسيما الرابطة القلمية وأشياعها في المهاجر الشمالي و المهاجر
الجنوبي،ومن كان طامحا من أدباء المهاجر و شعرائه إلى التحديث.
وإذا لنا أن نقوم نتاج المهاجرين بعامة نستطيع القول:إن حركة الأدب المهاجري حققت انجازات مهمة تتلخص في ما يأتي:
1-ساعدت حركة الإبداع العربية أن تحرر نفسها من التقاليد البديعية و الأصول التقليدية، فكانت تجربة تمثل الثقافات الغربية.
2-فتحت الطريق في التجديد الأدبي و لاسيما الشعري مهيئة الذوق العربي ليتقبل الذي انتشر في آ دابنا في مرحلة ما بين الحربين العالميتين،و من ثم ما جاءت به حركة الحداثة العربية المعاصرة.
الدكتور منيف موسى
في،:قراءات لبنانية في الأدب و النقد و اللغة.