انت هنا : الرئيسية » الواجهة » الدرك!

الدرك!

اصطلاحا.. يشتقّ الدرك من الإدراك.. بمعنى الوعي والعِلم بالشيء.. قبل أن يحيل على اللحاق بالشيء أو الفرد.. وليس دائما لضبطه وتكبيل يديه.. لكن للأخذ بيديه وإنقاذه من الضرّ والقهر قبل إنقاذه مما اقترفه من شرّ!.. فهل يا ترى يدرك إدراك دركنا في المغرب ذلك؟.. هل يدرك جلّ رجاله ما وراء البدلة التي يرتدون؟.. والقبعة التي يعتمرون؟.. والنياشين التي يحملون؟.. لا أعتقد!.. وأتحمل مسؤولية قولي هذا ولو كلفني غرامات فوق التي دفعتها وثلاث طالبات إيطاليات وافقن رأيي الذي تستأسد عليه الوطنية دائما.. وـ من خرَفِه ـ جعلته تلت الوطنية يعرّج بمسار رحلة الثقافة السياحية التي كان من المزمع القيام بها صيفا بين نخيل وكثبان رمل موريتانيا صوب جبال ووديان وشطآن المغرب الآمن بأبعاد حرياته وبحداثته بِنْياته وقوانينه.. ومن بينها مدونة السير التي كنت من المستبشرين بها.. والمستهجنين للإضرابات المتعددة ومختلفة الأمد التي شنها المنتمون إلى قطاع النقل استنكارا لبعض بنودها وفصولها وآلياتها الحديثة.. ولم أكن أعلم أنها تكيل بمكيال: “الخيار والفقوس” بين المواطنين.. وأن بتسديدي لمخالفة عدم ربط أحزمة السلامة بالمقاعد الخلفية ظهر الخميس 4 يوليو.. سأساهم في ترسيخ الحكم المسبق لدى الغرب وكل متربص بالمغرب والقاضي بكون التفاوت الطبقي ببلدنا ترعاه الدولة ويظلله القانون.. وكيف لا؟.. وأثناء تحرير رجال الدرك “المطوّووووووول” لمحضر مخالفتنا كانت تمرّ مرور الكرام ـ وما من راكب طبعا كان يستعمل حزام السلامة!ـ عشرات الحافلات والشاحنات والجرارات المكدسة بالأرواح البشرية!.. عدا سيارات الأجرة الكبيرة المحشوة بـ6 راكبين ثم السائق الـ7!.. وحين استفسرت ضيفات المغرب العامر من الدركي الزاهد في باقي العابرين لنقطة المراقبة المنصوبة قبيل مدخل مدينة قلعة السراغنة والمهتم فقط بمحتويات سيارتنا البشرية والمادية.. أجاب بكون القانون يعفي النقل العمومي الخفيف والثقيل من حزام السلامة ويلزم به السيارات الخاصة!.. وكأن مستعملي النقل العمومي لا حق لهم في السلامة!.. وكأن مماتهم مساوٍ لحياتهم!.. وكأن الدولة ضاقت بهم ذرعا وتتمنى الخلاص منهم!..

استغراب كبير خلفه رده.. تماماً كالاستغراب من اشتغال مختلف كوكبات الدرك الملكي بنا عبر مجمل التراب الوطني شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً.. إذ كان لزاما الإدلاء بأوراق السيارة وأوراق راكباتها في كل وقت وحين.. كما لو أن المغرب لم يشهد في تاريخه رؤية 4 أهلّة أقصد نساء معاً!.. لكن كرز كعكة المضايقات كان رجال الدرك بأوزود الذين قصدونا جرياً وهم يطوون الدرجات الـ750 للشلالات لتحرير مخالفة تهمتها إحضار دليل سياحي من خارج المنطقة!.. انسياقا منهم لوشاية دليل بدون رخصة تحرش بالضيفات ونهاه أديب ومترجم تكرّم بمرافقتنا.. فعاد مرافقا بدركي مدجج بالسلاح.. نافخ الأوداج مدعيا الغيرة على مصالح الجبال والفجاج!.. وأقول قولي هذا وأنا على يقين أنه لو كانت أدنى غيرة لديه فعلا لقام بتحرير مخالفات للسابحين أسفل الشلالات وممارسي الغطس من أعلى صخور تلك الشلالات في وجود متعدد للافتات المنع لأجل السلامة!.. وبتحرير مخالفات أخرى للمخييمين والمتنزهين الذين يرمون نفايات أكلهم وقاذورات أبنائهم بالشلالات في وجود متعدد لحاويات القمامة!.. حيث كان الماء يتدفق حاملا بلاستيك عين سلطان وسايس ورايبي جميلة ودلع.. متبوعة بقشور البطيخ والشمام وعظام العجول والدجاج!

dhiaoui@yahoo.fr

عن الكاتب

عدد المقالات : 1687

تعليقات (1)

اكتب تعليق

الصعود لأعلى