انت هنا : الرئيسية » الواجهة » د. السفير محمّد محمّد خطّابي: عِنْدَمَا يَنشُرُ القلبُ ودّاً.. إلى نور الدّين برحيلة

د. السفير محمّد محمّد خطّابي: عِنْدَمَا يَنشُرُ القلبُ ودّاً.. إلى نور الدّين برحيلة

د. السفير محمّد محمّد خطّابي:رأي اليوم

جميل..بل رائع ،أو حريٌّ ،وجديرٌ، وقمينٌ، وحقيقٌ بنا أن نقول بملء فينا .. إنها الرّوعة فى قمّة أوجها ،وسحر جمالها ،ورونقها ، ورقّة بهائها….مقالاته في هذا المنبر الإعلامي  المنيف (رأي اليوم) الرائدة والواعدة والمتجدّدة بين الفينة والأخرى صور زاهية مُرهفة رقيقة..وكلمات بلّورية مُترفة أنيقة …تسلم اليراعة الحاذقة الخلاّقة التي أبدعتْ، وأبلغتْ، وأمتعتْ، وأقنعتْ ،وأشبعتْ هُيامَ ظمئنا ،وسقت صَدىَ عطشنا، وشفت غليلَ هُيامنا، وأطفأت لهيبَ أُوَامِنا…لله درّ كاتبنا الملهم ،ولا فضّ الله فاه  إنّه الصّديق النقيّ ، والخلّ التقيّ ، الأديب المغربي الأريب ،والكاتب اللبيب نور الدين  برحيلة.. شكراً وهنيئاً له على هذا الدّفق الجميل، والتداعي المتنامي الأسيل، دام يراعُه للإبداع  الجميل منبعاً مِدرَارَا.. وللخَلْق البهيّ اللاّمع مَرتعاً ،ومَربعاً ودَارَا..ودام له عذب البيان، طوعَ اليراع والأنامل والبنان…وتحيّة ودٍّ ومودّة عبقة فوّاحة أريجها باقاتٌ من الورد، والزّهر، والعِطر، والفكر… ورحيقها مزهريّات من الفلّ والقرنفل.. وصَبَاها أريج بهيج من الياسمين والرّياحين، ,وطيبها أصُصٌ من الحَبق والنّبق ، مزدانةً ومُشعشعةً بألوان أطياف الشّفق والغَسق…

كتاباته البليغة  في جريدتنا الزاهرة عن مختلف المواضيع التي يتطرّق إليها بألمعية فائقة إنما هي داناتٌ مشعّة متصلة الحلقات، موثوقة  الأواصر والعُرى والصّلات ، شكراً على هذه المشاعر الرقيقة ،والعبارات الرشيقة التي تجعل من هذه اللغة الرّائعة التي نتواصل ،ونتذاكر، ونتحاور، ونتشاور بها  كائناً حيّاً يدبّ على قدميْن ، كما يقول الناقدان الإنجليزيان “أوجدن” Ogdan و”ريتشاردز” Richards. فى كتابيْهما النقدي البليغ ” فى معنىَ المعنيَ”  (The Meaning of Meaning )  هذا الكائن الحيّ الذي يضرب جذورَه،وأصولَه ، وأثولَه فى القدم ، ويتغذّى من مختلف الروافد ، والنوافذ، والمنافذ والثقافات، والحضارات، والعلوم ، والآداب، والشّعر، والفنون، والحِكَم السّائرة، والأقوال المأثورة، والتاريخ والحكايات، والأساطير الثرية التي تعاقبت ،وتوالت على هذه الأرض الطيبة التي نسعى فى مناكبها، وندبّ على أديمها..

هذه المشاعر الفيَاضة التي يفوه بها، ويفصح عنها عزّ وجودُها ،وشحّت فى أيّامنا هذه الرديئة التي أصبح يملأها البؤسُ اللّعين، وتعلوها الكآبة والأنين،وتفتقد الى الذكرى الجميلة والحنين، ويملأها الضّنك، والدّنس،إنها مشاعر شفيفة،وأحاسيس عفيفة، تعود بنا الزّمانَ القهقرَى، وتذكّرنا بأناس، وأبطال،وأصدقاء آخرين أخلصوا الودّ الجميل ، وصانوا العهد الأثيل،وتمسّكوا بأهداب خلاّن أوفياء .ففي أمريكا اللاّتينية التي لا نعرف عنها سوى النزر اليسير، فى هذا الشقّ  النائي من العالم الجديد ، الذي تربطنا به أواصر وُثقى، وصلاتٌ عميقة لغةً،وفكراً ،وثقافةً ، وفنّاً ،وشعراً ،وأدباً ،وطبعاً ،وطِباعاً،وتطبّعاً، وخلقاً وإبداعاً، وعذاباً وعذوبةً ،وعناءً ومعاناةً، فى تلك الرّبوع البعيدة، والأصقاع المترامية الأطراف التي قيّض الله لي أن أعيش في العديد من بلدانها سنواتٍ طويلة ، تعلّمتُ ،ونهلتُ، واغترفت خلالها الكثير،والكثير من أخبارها، وتاريخها، وآدابها، وشعرها،وفنونها، وحِكَمِها،وأمثالها، وقصصها،وطرائفها، وحكاياتها،وأساطيرها حيث نعثر في كتاب “ذاكرة النّار” للكاتب الأورغوائيّ الكبيرالراحل إدواردو غالينو (في 3 أجزاء) المُدْرَج ضمن كتابي ( أمريكا الجنوبية: الوجه والقناع…أضواء مثيرة على ماضي وحاضر العالم الجديد) الصادر عن (دار النشر أياديف الرباط) 2005 نجد طرفةً تاريخية عميقةَ الغور عن مدى إعتزاز الكثير من الإخوان الأعزّاء، والخلاّن الكرام الذين يجمعنا بهم هذا الصّرح الصحافيّ المنيف ،يحكي لنا  ” إدواردوغاليانو”: أنّ البطل الأسطوري المكسيكي الثوري “بانشُو فييّا ” كان إسمُه الحقيقي هو ” دوراتيُو أرانغُو”، وبانشُو كان إسم أعزّ أصدقائه ، وعندما قتل الحرسُ المدني صديقَه الذي كان ينتمي إلى شلّة ” أرانغو” اتخذ لنفسه إسمَ صديقه، أيّ الإسم الذي هَوَى، وأصبح اسمه “بانشو فييّا” لكي لا يموت اسم صديقه أبداً ، إنّه نوع من مصارعة الموت ضدّ النّسيان الذي يُعتبر الموت الوحيد الذي يقتل حقيقةً .وهكذا ظلّ إسمُ صديقه حيّاً في شخصه تردّده أمريكا اللاّتينية كلّها حتى اليوم. وذاك لعمري ما يفعله الاستاد نور الدين برحيلة مع أصدقائه وخلانه في هذا الصّرح الصحافيّ الوارف (رأي اليوم) الذي يجمعنا بمحبّة والذي أصبحتْ تُضربُ لنا فيه وللقراء الكرام  كلّ يوم في مختلف أطراف وأصقاع العالم العربي المترامي الأطراف وفى بلاد المهجر قبّة عالية من أدم إبداعاً وإشعاعاً وإمتاعاً  عن كلّ جدارة وأهليّةٍ واستحقاق .

*كاتب وباحث ومترجم من المغرب عضو الاكاديمية الاسبانية الامريكية للآداب والعلوم بوغوطا كولومبيا.

عن الكاتب

عدد المقالات : 1687

اكتب تعليق

الصعود لأعلى