علي الجنابي: إي وَرَبِّي: إِنَّ الأَرضَ بتِتكَلَِم عَرَبيّ
علي الجنابي :المصدر :رأي اليوم
إي وَرَبِّي: إِنَّ الأَرضَ تَتكَلَّمُ عَرَبيّ، وقد أقسَمتُ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ مَسؤولٌ مِن ذُرَى الرُّتَبِ.
عَاشِقٌ أنا لِتَرَنُّمِكَ يا “سَيِّدَ مَكاويّ” وَمغرَمٌ بشَدوِكَ! وتَرَنُّمُكَ هذا أرهَفَني.
إِي وَاللهِ، إنَّها لا تَتَكَلَّمُ إلّا عَرَبيّ! وشَذوُكَ هذا طَوّفَني..
لَعَلَّكَ يا “مكّاوي” غَرَفتَ فَعَرَفتَ فَذَرَفتَ أَنَّها لا تَتَكَلَّم إلّا عَرَبيّ؟
قَبلُكَ أنا قد فَعَلت؛
إذ أهبتُ فذهَبتُ فَأَهبَبتُ فَأَشهَبتُ فَأَلهَبتُ أَنَّ الأرضَ لا تتكَلَّم إلّا عَرَبيّ، وأنّي ما أَرَاكَ إلّا قد ذَهَبتَ فِي الأَمرِ- حينَ شَدَوتَ- نَظِيرَ مَذهَبِي؟
فَمَذهَبي قَد إلتَهَبَ ذَاتَ مَرَّةٍ مِن لمعٍ في تِلفَازٍ لامعٍ قد إِختَطَفَنِي، فإستوهَبَ جَمعَاً مِن إِعتِزَازٍ بنَفحٍ جامعٍ قدِ إِئتَلَفَني.
اللَمعُ -يا سّيِّد-كان لمضٌ ل(إستراليّ) سَاجِدٍ في مَسجِدِهِ، فشَغَفَنِي وَمضُ سُجُودِهِ فَغَلَّفَني.
وَاهٍ واه !
آعجَميُّ (سِدنِي) يُنَاجِي السَّماءَ بِضادي! ذَلِكَ الخَطبُ الوَجلُ إِلتَحَفَني فَأَرجَفَني.
أوَ إِنَّهُ لا صُعودَ لِكَلِمٍ طَيِّبٍ الى السَّماءِ إلّا بِضَادي! ذَلكَ الصُّعُودُ الجَلَلُ إِكتَنَفَني فَأَوجَفَنِي.
وَيكَأَنَّ السَّمَاءَ لَن تَرَضَى مُنَاجَاةً دونَ ضَادي! ذَلِكَ الرِّضَا أَحَفَّني فأَلطَفَني.
أفَبِضَادي يَا ابنَ سِدني نَاجَيتَ رَبّي، ذَلِكَ الأمرُ أَتحَفَني. أَجِبنِي أَن نَعَم…
لَعَلَّ جَوَابَكَ يَثقِفُنِي فَيَلقَفَني فيُوقِفَني، فَإِنَّ الظُّلمَ قَد جَفَفَّني، وَإِنَّ الهَضمَ قَد أَفَّفَني، وَإِنَّ الهَمَّ لَفلَفَني، وَإِنَّ الغَمَّ حَفحَفَني، وَهذا العُسرُ شَفَّفَني، وَذاك الخُسرَ ضَفَّفَني، وهذا الحَجزُ كَفكَفَني، وَذاك العَجزَ صَفصَفَني.
أَجِبنِي يَا ابنَ سِدني أَن نَعَم، وَلَكَ عِندِي يَدَاً أُجزِيكَ بِها إِن عَادَ ليَ سُؤدَدِي فَحالَفَني وَأَسعَفَني..
فأنَا يَا ابنَ سِدني مَا جَهِلتُ أَنَّ أمّةَ العَرَبِ إِتَّصَفَت في الأولى بِخَيرِ وَصف، لكنَّ خُنُوعَ أُولي الأحلامِ فِيها آسَفَني وَخَوَّفَني وَأضعَفَني..
وأنَا يَا ابنَ سِدني مَا هَملتُ أَنَّ جَنّةَ العَرَبِ في الأخرى مِن الفِردَوس نِصف، وَلكنَّ خُضُوعَ أُولي الأقلامِ كَفَّنَني وأَتلَفَني..
وأنَا يَا ابنَ سِدني مَا غَفِلتُ أَنَّ..
كِفلَ المَكانِ ومُشتَهاهُ وَحَتمَ نُسكِهِ بِالضادِ، وعلى كِفلِهِ أَردَفَني…
نَفلَ الزَّمانِ وَمُنتَهاهُ وَخَتمَ مِسكِهِ بِالضادِ، ومِن نَفلِهِ أَغرَفَني …
فَصَفَحَاتُ قُرآني ضَادٌ، فَصلٌ لِلخِطابِ مُهَيمِنٌ، آخِرُ النّوَاميس جَامِعٌ، بِهِ خَصَّني رَبّي فَشَرَّفَني.
وَنَفَحَاتُ رَسولي ضادٌ، أَصلٌ لِلصَّوابِ مُشَفَّعٌ، زَاخِرُ الأحَاسيسِ لامِعٌ، قَصَّ ليَ الذِّكرَ فَأَورَفَني.
وَلَفَتَاتُ مِنهاجِي ضَادٌ، وَصلٌ لِلعفافِ مُتَرَفِّعٌ، ذَاخِرُ القَواميسِ دَامِعٌ، بِهِ رَصَّني أَبي فَعَرَّفَني.
وَلَفَحَاتُ نَسَبي ضَادٌ، مَصلٌ لِلسّحابِ مُتَرَبِّعٌ، فَاخِرُ النَّواقيسِ قَامِعٌ، بِهِ الدِّيوانِ صفَّني فأَنصَفَني.
وَصِبغَاتُ لِساني ضادٌ، نَصلٌ لِلكتابِ مُتَمَنِّعٌ، مَاخِرُ القَراطيسِ، وهوَ نُطقي بِهِ الفُرقانُ أَوصَفَني.
وهنالِكَ وحيثُ براق المِعراج..
والمَلأ الأعلى هوَ الأحلى وأبهَى، كَانَ ضَادي شَاهداً مَشهُوداً، وتِلكَ نَضَارَةٌ سِفرُها أَترَفَني.
وهنالكَ وحيثُ أوراق الفِردَوس..
والكَلأُ الأرقى هوَ الأنقَى وأبقَى، كانَ ضَادي وَارِداً مَورُوداً، وتِلكَ غَضَارَةٌ ظَفرُها زَخرَفَني.
وإذَاً أيا مَكَّوَ..
(أنَا سَيِّدُ الأرضِ رَغمَ أَنَّ غِبَارَ النَّائِباتِ أترَبَني فأحرَفَني).
أجل، لأنَّ السَّماءَ لا تَتَهَجَّدُ إلّا عَرَبي، وَإِنَّ الأرضَ لا تَتَمَجَّدُ إلّا عَرَبيّ، وأنا ما تَجَنّيتُ بقَسَمي مُتَانِِّقاً في جُفُونِ أهليَ العَربِ، وما تَبَلّيتُ بِقَلَمي مُتَشَدِّقاً في عُيونِ إخوتي من غيرِ العربِ.
فلا تَجَبُّرَ هَاهُنا يُناكِفُني، بَل فَضلُ الرَّحمنِ على نَسَبي، وَلا تَكَبُّرَ ههُنا يهاتفُني، بل وَسمُ الفُرقانِ على لَقَبي، فلا عِزَّةَ لِلأرضِ إلّا مِن عِزَّتي أنا العَرَبيّ، وذاك أمرٌ عَهِدَ بِه إليَّ الزَّمانُ وحَلَّفَني.
لا تَكَبُّرَ بَل تَدَبُّرُ، لا تَجَبُّرَ بل تَفكُّرُ. لا استعلاء بل استجلاء، لا تَطَرَّفَ بَل تَشَرَّفَ، ولا تَعَجرُفَ بَل تَصَرُّفَ و{لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ} و {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.