*فيلم:بنات عبد الرحمن:واقعية مفبركة وشيطنة “ميلودرامية”!
*فيلم أردني يتناول التحرر الأيديولوجي والاجتماعي للمرأة، حيث يلفت مخرجه زيد أبو حمدان الانتباه إلى التوصيفات النمطية للمرأة في مجتمع يهيمن فيه النظام الأبوي والذكورية.
يُعرض الفيلم الأول للمخرج أبو حمدان اليوم في دور السينما المحلية حاليا، ويستند إلى بحث عميق في النضال الاجتماعي والمرأة ضد الأعراف الاجتماعية والعنف، وبنفس الوقت يثير مسألة الحياة الأسرية، والعنف المنزلي، وزواج القاصرات، والعادات والتقاليد، وعلى وجه التحديد تربية الفتيات في المجتمعات العربية…
**كما أنه يتناول قضايا شائكة مثل التمييز بين الجنسين وارتداء النقاب ثم هناك الجرأة المبالغ بها للاخت المتحررة “الوقحة/خفيفة الدم الجريئة” التي يخونها زوجها جهارا وتعجز عن محاسبته!
يتبع الفيلم قصة زينب التي تستيقظ على اكتشاف صادم يمكن أن يشوه صورتها في الحي الذي تسكن فيه في عمان الشرقية. سرعان ما تطلب مساعدة أختها
في حين أن أمال لديها صراعها السري، فإن أختها سماح مشغولة جدًا بحيث لا يمكن أن تكون هناك. في هذه الأثناء، تحاول ختام التركيز على حياتها الخاصة
الأخوات الأربع المختلفات اللائي أجبرن على العودة إلى منزل العائلة بعد سنوات من العزلة لحل لغز الاختفاء المفاجئ لوالدهن!
***بالرغم من الحفاوة التي استقبل بها الفيلم شعبيا وفي المهرجانات ومن متعة مشاهدته لكثرة مشاهد المفارقات والكوميديا التلقائية…الا انه للحق يتناول ربما شخصيات واقعية نوعا ما ولكنها مركبة ضمن السياق بشكل خاطىء …وغير وافعي اطلاقا من وجهة نظري التأملية العميقة: فلا يمكن تخيل ان اسرة شعبية متواضعة (كاسرة العجوز المريض عبد الرحمن) تسكن في حي الأشرفية الشعبي الجميل في عمان تربي بناتا بمثل هذا السلوك المبالغ فيه تماما والمتناقض لأقصى حد.
فلا يوجد أي تجانس بطريقة تكوينهن ما بين المنقبة المتشددة ظاهريا وتلك المنفلتة لأقصى حد وشاربة الكحول ومدمنة التدخين ثم هناك الرابعة التي تقيم في دبي منفلتة بشكل صامت وتعترف جهارا بتكوينها لعدة علاقات جنسية هكذا…وربما الابنة الخياطة العانس هي الوحيدة الواقعية ضمن ذلك التركيب الاسري الغريب ولحد ما المنقبة أيضا: فألأب يبدو متواضع الثقافة والوعي والثراء ولا نفهم مبرر غيابه واختفائه فجاة ثم اكتشاف تواجده “بعد فضيحة الاعلان عن فقدانه” في المقبرة في زيارة طويلة “غامضة” لقبر الام المتوفاة منذ زمن، والتي تمت شيطنتها “غيابيا” من قبل بناتها لقسوتها الشديدة أبان فترة طفولتهن ومراهقتهن…كما أن جرأة البنت العانس بتوجيه التهم للجيران (في المشاهد ما قبل الختامية) كانت استعراضية وخطابية وميلو درامية الطابع وغير مبررة، وبدت مفبركة وغير واقعية وذات طبيعة فضائحية (وتفش القلب)، ويقصد منها ادانة المجتمع الشعبي وباطنية السلوك وتناقضات الشخصيات هكذا جهارا لاكتساب رضا المشاهدين والممولين ومدراء المهرجانات لا غير…كما أني لم أفهم ختامية المشاهد التي بدت توافقية لأقصى حد على الطريقة الأمريكية/المصرية وبعيدة تماما عن الواقعية “الأليمة” الدارجة في مجتمعاتنا العربية التقليدية، وربما تنسجم مع املاءآت التمويل البالغة التجريض…والتي سمحت بتجريب هذه الأفكار “المتحررة” على المجتمع الاردني أولا تحديدا كتجربة اختبار: وأتذكر اني قرات منذ حوالي العقد تصريحا لديبلوماسي غربي يقيم في دمشق، أن سعادته المقيم في دمشق تحسر كثيرا لأنه لا يستطيع اقامة علاقات عاطفية عابرة مع النساء الديمشقيات الجميلات العابرات في الشوارع والأزقة نظرا لصعوبة ذلك وعدم تقبله اجتماعيا، فهم أي الغربيين والأمريكان تحديدا قد “عهروا” الشعوب الأسيوية والاخرى التي احتلوها وما زالوا، ولم ينجحوا بفضل التقاليد الاجتماعية الدينية في فعل ذلك في المدن والعواصم العربية والاسلامية الا ضمن أضيق الحدود والمعطيات والظروف وهذا لا يعجبهم اطلاقا ويشعرهم بالاحباط والغصة…
ونحن كلنا ضد قمع المراة في مجتمعاتنا العربية بالتأكيد، ولكنا أيضا ضد انفلاتها وتماثلها مع سلوكيات المرأة الغربية البالغة التحرر والجرأة وصولا للتمرد وتخريب التركيبة الاسرية الأصيلة للمجتمعات مع عدم نفي مسؤولية الرجل كذلك، مما قادهم ربما لحسد “المجتمعات العربية/الاسلامية” التي ما زالت تحترم وتقدر الاسرة كخلية اجتماعية/انسانية فريدة وأصيلة…وربما النموذج الوسطي التوافقي هو المطلوب والمحبذ والمقبول …وهذا ما لم ينجح هذا الفيلم الاستثنائي/التجريبي في توضيحه دراميا وهارمونيا واجتماعيا،بعيدا عن المبالغات والتهويلات واللهاث المتسارع لنيل التقدير والجوائز!