انت هنا : الرئيسية » الواجهة » هل من أمل للسوريين!

هل من أمل للسوريين!

بقلم زيد عيسى العتوم

بعيداً عن الواقع السياسي الداخلي والاقليمي السوري المعقّد بشدة, وبإغماض العيون ولو مؤقتاً عن التجاذبات الروسية والايرانية والتركية والعربية المتشابكة فوق التراب السوري المحروق, وبالاستئذان الطوعيّ من أطنان الخرائط وتنبؤات المنظّرين وركام الحديث الذي طاول ركام الأبنية, وبالتمعّن القسريّ برعونة إسرائيل التي تنتهك ما لذّ وطاب لها من ” الجمهورية العربية السورية”, وبرؤية طوابير الطفولة التائهة والأمومة الموجوعة والكهولة المحبطة أمام فرن سوريّ لانتشال رغيف خبز يخرج من محرقة الحياة, ومركباتٍ ومدافئ تصطفّ أملاً لاستنشاق رائحة ” المازوت” الموعود, وبجائحة تخشاها الدنيا ولا اظنها أول ولا آخر ما يخشاه السوريون, وبخيم اللجوء والعراء التي سكنها البعض وبقوارب الموت والضياع التي امتطاها البعض الآخر, يسأل السوريّ قدره عن الغد, ويستفتي قلبه المكسور عن الضوء في نهاية نفقٍ طال انتظاره.

قد نبتعد عن الرومنسية السياسية فلا نقف متباكين أمام قلعة حلب او على اطلال تدمر او قرب دموع قاسيون, ونسأل بشغف عن بلدٍ ينزف منذ ما يقرب العشر سنين, وخسر مئات المليارات من جلده واطرافه واحشائه, وسُفكت اغلب بنيته التحتية المتهالكة اصلاً وفصلاً, وتجاوز العوز الثمانين بالمائة من أهله اينما حلّوا او رحلوا, ونسأل عن الارض والعرض اللذان استباحهما “خليفة اسطنبول” فاصبحا يغردان خارج السرب السوري الممزق, وعن ملايين “الطلاب” الذين عبروا اسوار مدارسهم نحو المجهول, وعن مئات آلاف القتلى في قبورٍ بعضها شاخصة وأغلبها بلا عنوان, وعن فنٍ وإبداع سوريّ استوطن المهجر موصياً بأن يُنعم على رفاته بأكوامٍ من التراب السوري الحنون, وبجنائز تلملم أشلائها من كل حدب وصوب, وبعد كل ذلك وأكثر من ذلك الا نسأل أنفسنا ..وماذا بعد؟!

بعد احتلال فلسطين وتهويد ارضها وقهر اهلها, مُنحت اسرائيل فرصاً تتلوها فرص, فمن اروقة المحافل الدولية الى مؤتمرات السلام المنشود مروراً بخرائط الطرق المتجددة, ومن المبادرات التي تمسمرت عقوداً على منصات سلام الشجعان, والتي ترمّلت وهي تنتظر رضى صانع القرار الاسرائيلي, ومن مراهناتٍ على تبدّل سياسات وتغيّر ادارات وتقدّم أحزاب, بقي العرب يُغرقهم الأمل او ربما يغمرهم الوهم, فهل يُعيب النظام العربي مدّ اليد ربما القصيرة لتحقيق الحد ربما الأدنى لحياة سوريةٍ كريمةٍ تحفظ انسانية ذلك البلد الشقيق!, وهل استمرأت جامعة العرب فراغ المقعد السوريّ لانشغالها بغرس رأسها في رمال الواقع المأزوم!, وهل فوبيا ايران وتركيا تُسكّن أوجاعها بترك السوريين جوعى وعطشى!, فتصبح سوريا لا قدر الله بلداً فاشلاً يكره كل شيء, وفي مقدمتهم “أشقاءه” العرب!  

عن الكاتب

عدد المقالات : 1688

اكتب تعليق

الصعود لأعلى