د. محمّد محمّد خطّابي: فى ذكرى رحيل الزّعيم محمّد عبد الكريم الخَطّابي سلاماً.. ياغرَّة الأوفيَاء
. محمّد محمّد خطّابي
راي اليوم
بمناسبة إحياء الذكرى السادسة والخمسين لانتقال البطل محمّد عبد الكريم الخطابي زعيم حرب الرّيف التحرّرية الماجدة التي دارت رحاها، وحميت وطيسُها،وحطّت أوزارها في منطقة شمال المغرب فى العشرينيات من القرن الفارط، إلى الرّفيق الأعلى حيث وافاه الأجلُ المحتوم فى السادس من شهر فبراير 1963 بالقاهرة تغمّده الله تعالى بواسع رحمته ، وأسكنه فسيح فراديسه وجِنانه، ،واستبشارا، و استذكارا ،واستغوار، واستحضارا لما قام به وأنجزه هذا الرّجلُ الشّهمُ الأشمُّ ،وحيد دهره، وفريد عصره إلى جانب المُجاهدين الصّناديد، والشّهداء الأبرارالآخرين رحمهم الله تعالى جميعاً ، الذين أعطوا النّفسَ والنّفيس، من أجل صوْن عزّة الوطن،والذود عن كرامته، والدفاع عن حوزته، وشرفه، ونخوته، خلال الملاحم البطولية الرّائعة الفريدة التي خاضها أجدادُنا الميامين ببسالة، وشهامة، وشجاعة منقطعة النّظير ضدّ المُستعمرالإسباني الغاشم الدخيل،والتي سّمّت بالرّيف، وبالرّيفيين، وبكافة المغاربة الأحرار قاطبة إلى أعلى مراتب المجد، وبوّأتهم أرقىَ منازل السّؤدد والخلود فى مختلف بقاع وأصقاع المعمور. وعلى الرّغم من شحط السّنين ونأي المَزار، وبُعد الأزمنة والديّار، فقد تفتّقت القريحة ، وجاد العقلُ ،والقلبُ، والِلسانُ ،والجَنَانُ، والوجدُ والوجدان بهذه الإفصاحات التلقائية، والإجهاشات الاكتناهية دفقاً متنامياً، وتداعياً جميلاً ، فأقول :
تداعىَ بناءُ المَجدِ بالكوْكبِ الدُرِّي /
ونورُ شُموسِ اللّه غابَ مع الظّهْرِ
تداعىَ حِمىَ الإيمانِ والعَدلِ والهُدىَ /
وقوّةُ بأسٍ دُونَهَا قوّةُ الذرِّ
عزيزٌ علينا أن نرَاكَ مُودّعاً /
وذِكرَاكَ فى كلِّ القلوبِ بها تَسْريِ
لقد فَقَدَ الأيتامُ عَطفَ أبِيهُمُ /
وحلّتْ على الثكلىَ فَاجِعةُ العُمْرِ
كأنّ لدىَ موتِ المَجيد مُحمّدٍ/
جسومٌ بلاَ رَأسٍ أيادٍ علىَ البّترِ
أبطال ب”أنوالَ” جَاشَتْ نُفُوسُهُم/
فأصبَحُوا نورَ التّرْبِ والمِسْكَ للقبْرِ
فهَامَتْ عقولٌ كانتْ بالأمسِ رُشْدَهَا/
وزَاغتْ عيونٌ دَمعُها لجّةُ البّحْرِ
أشاوسُ طابتْ لكمُ الشّهادةُ والعُلا/
وإِسْمُكمْ علىَ كلِّ لسَانٍ بهِ يسرىِ
لقد هبَّ الأحبّةُ عن بكرةِ أبيهمُ/
وحلّتْ علىَ العِدَا قَاصِمَةُ الظّهرِ
وكَالطّيرِ مَقصُوصِ الجَناحيْنِ فارتمى/
علىَ الصَّخْرِ مَنْهُوكاً تحطّمَ بالكسْرِ
كأنَّ لدىَ استشهادكم يا نخوةَ أرْضِنَا/
ملائكةُ الحقِّ دائمةُ البّوحِ والذِّكرِ
أبناءَ الأمَاجدِ والأفاضِلِ والحِجىَ/
أحفادَ المَكارِمِ والميَامينِ والفَّخرِ
كلُّ المَدَاشِرِ والعَشَائِر اليومَ تَحتفىِ/
ببسالتكمْ دوماً مِنْ نَصْرٍ إلىَ نَصْرِ
فخرَ العُلا والصّناديدِ والنُّهىَ/
مجدَ الفِدا والنّدىَ وَغُرّة الدّهرِ
أساسُ جِهَادِكُم عَزْمٌ وعزيمةٌ/
وَذِكركمْ للّهِ فى السرِّ وفى الجَّهْرِ
شجاعتكُم فىِ النُّفسِ أمْسَتْ تَمِيمَةً/
وفَاضَ نهلكم من حيثُ أدرىِ وَلاَ أدرىِ
“الرّيفُ” الوريفُ ألقىَ إليكمْ بِسَمْعِهِ/
وذِكرَاكُمُ فىِ كلِّ رياضٍ بهِا يجريِ
مِنَ العُجْبِ أنْ يُرَوَّعَ “أبُو رُقعَة”وينثنيِ **/
تَحْتَ أَقدَامِكُمْ وَإِقْدَامِكُمْ سَاعَةَ الظّفْرِ
طلائعُ الخيْرِ تهفُو إليكمْ بقلبِهَا/
وإسمُكُمْ فى كلِّ جَنَانِ عَاطِرِ الذِّكرِ
“حُشْدٌ علىَ الحَقِّ عيّافُو الخنا أنُفٌ”/
مع كلِّ طلعةِ شمْسٍ أو قمَرٍ أو بدْرِ
أنوالُ يا مَعْقِلَ البُطولاَتِ بأسرِهَا/
أَدْوَاحُكِ الفَيْحَاءُ دَائمَةُ النّضْرِ .
*- كاتب، وباحث من المغرب، عضو الأكاديمية الإسبانية-الأمريكية للآداب والعلوم – بوغوطا- (كولومبيا).
**- “أبو رُقعَة” (من الرّقاع) اللّقبُ أو النَّعتُ الذي كان قد أطلقه المغاربة خلال حرب التحرير الماجدة على الإسبان المُغيرين الذين كان بعضُهم يرتدي في ذلك الإبّان رثّ الثياب المُرقّعة، وخِرقَ الأسمال الممزّقة الباليّة، حيث كانوا يضعون رقعةً أو قِطْعة من الثوب تُخاط أو تَلْتَزِق أو تلتصق بأُخرى أو تُزادُ في القَمصان أو السّراويل أوالمعاطف المنسولة وقد تكون من لونٍ مغاير.