رواية أيتام وقطط. رؤية نقدية (ألف ليلة وليلة أردنية)
عمان ـ “راي اليوم”:
صدرت رواية أيتام وقطط للروائي والأكاديمي الأردني الدكتور عصام أبو شندي عن دار أسامة في العاصمة الأردنية عمان وتقع في 207 صفحة.
أما العنوان وهو العتبة الأولى للرواية فقد جاء مشوقا ومتوافقا مع المضمون وبعد قراءتي للرواية مرتين عدا الرجوع إلى فقرات محددة مرارا وجدت نفسي أمام ألف ليلة وليلة أردنية.
أما القول بأننا أمام ألف ليلة وليلة فذلك بسبب حضور الأسطورة أو القصص المروية شفاها وهي تمثل جزءا زاخرا من تراثنا العربي ومن تلك الأساطير الحديث عن قصة الينابيع الأربعة في بلدة الشهابية في مدينة الكرك جنوبي الأردن فالأسطورة أو القصة التراثية المروية هي التي أعطت للينابيع الأربعة أسمائها وكذلك قصتها.
أما الحضور الثاني للأسطورة فكان من خلال قصته تسمية بلدتي صبحا وصبحية في البادية الشمالية التابعة لمحافظة المفرق.
أما كونها أردنية لأنها جاءت ابنة لبيئتها فالكاتب الدكتور عصام أبو شندي بحكم مولده في محافظة المفرق ونشاته في قراها كان معايشا للتقاليد البدوية والقروية وقام بتوثيقها في عمله الروائي هذا الذي تحدث عن العادات القروية من حيث الدبكة والاعراس والاهازيج والاهم العادات والتقاليد وتأثيرها على الإبطال الذين برع في قراءة ما في صدورهم ووصفهم من الداخل والحب الطاهر العذري الذي يتقنه شبابها.
وكونه ابن البادية فقد كان دائم التغزل بالبيئة الخضراء على أطراف عمان وفي الكرك من خلال وصفه للتربة الحمراء تلك بكبد الطير رغم إنني أرى ان للصحراء كذلك سحرها وبوحها لكن يبدو ان كل شخص يميل لحب البيئة التي لم يعش فيها.
ووضع الكاتب يده على بعض من الإمراض الاجتماعية مثل عدم تزويج المختلف عن العروس في اصوله وازدراء فلسطيني الشتات المشار لهم في الرواية بعرب الشتات.
كما ظهرت العقلية المتخصصة للكاتب وذلك من خلال مناقشة بطل الرواية سامر لمحبوبته لقصيدة صاحب ليلى تلك القصيدة التي اشبعت نقدا أدبيا على لسان سامر ومحبوبته
أما من حيث البناء فقد جاء العمل مسبوكا وذا انتقال سلس بين الازمان وبين السنة الرواة فتارة يروي لسان ساهر وتارة بلسان سامر وبالحالتين يتحدث بضمير المتكلم ويبتعد عن الراوي العليم وهذا اسلوب اتبعه شخصيا في الكتابة لأنه يحمل في طياته مزيدا من الصدق في السرد .
أما المخيل فقد كان غنيا والمسه عند تصوير حالة المعاناة من الفقر واليتم رغم ان الأب على قيد الحياة وكذلك في تصوير حالة الحب والهيام وكذلك تصويرات رائعة لوصف حالة الفقد والموت والدفن والعزاء.
وتخيم ظلال التشويق على العمل من الصفحة الأولى وحتى الصفحة الأخيرة خصوصا وان وفاة سامر كانت غير طبيعية وتحوم حولها شبهات جنائية .
ومن نافلة القول ان العمل اصيل ويحث على قيم هادفة وجادة من أهمها شرف طلب العلم والعفة والطهارة في العلاقات الإنسانية بالإضافة إلى التمسك بالشعائر الإسلامية وأهمها الصلاة وهو عمل بعيد كل البعد عن تحريك الغرائز أو الابتذال.
كما ان السردية تتصاعد احداثها المشوقة التي يكتنف الغموض الشفيف كثيرا من اجزائها لكنها لا تضع القارئ أمام نهاية محتومة للأحداث بل تترك المجال لخيال القارئ ان يتفاعل مع خيال الكاتب في صوغ النهاية التي يريد.
في النهاية لا يسعني إلا ان اتمنى للقارئ العربي قراءة هانئة لرواية أيتام وقطط.
المحامي
سامر أبو شندي / الأردن