قراءة الكسندر دوغين لفوز دونالد ترامب
الترجمة العربية: بوطاهرلطيفة
يستحيل الحديث هذه الأيام عن غير الانتصار المذهل لرونالد ترامب و الهزيمة الساحقة لهيلاري كلينتون مرشحة العولمة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ولأهميته القصوى بالنسبة للنظام العالمي، يمكن تحليل هذا الحدث من جوانب متنوعة محملة كلها بمعاني مختلفة لحد يصعب معه تحديد أولويات الترتيب.
هذا الصعود لترامب يعلن النهاية الحاسمة للعالم الأحادي القطب .فترامب يرفض بوضوح الهيمنة الأمريكية بشكليها :الناعم الذي يعمل مجلس العلاقات الخارجية على ترويجه, والمتشدد الذي ينادي به المحافظون الجدد.
في هذه الانتخابات، انهارت اثنتان من مؤسسات الفكر والرأي الأميركية الكبرى التي انحازت لترشيح كلينتون.
وهذا يعني تصفية العالم الأحادي القطب ليس فقط بفعل ضغط دول خارجية ،ولكن من داخل أمريكا نفسها.
تستطيع شعوب ودول العالم ان تتنفس الصعداء, قد توقف توسع العولمة في مركزها ذاته.
العالم الجديد المتعدد الأقطاب يعني أن الولايات المتحدة ستصبح منذ الآن أحد أقطاب هذا النظام العالمي. إنه قطب قوي ومهم ،لكن ليس أحاديا وخصوصا دون ادعاء أية استثنائية.
كان بوتين، في طليعة النضال من أجل هذه التعددية القطبية، ويمثل تاريخ8 نونبر انتصارا هاما للغاية بالنسبة لروسيا وله شخصيا. لا يوجد بديل للتعددية القطبية. أصبح بإمكاننا الآن، إنشاء بنية لهذا النظام العالمي الجديد ليس عن طريق الحرب، ولكن عن طريق السلم ا لذي أتى به ترامب.
يظهر انتصار ترامب ثنائية أمريكية ، أو بالأحرى نسختين للولايات المتحدة: أمريكا كلينتون وأمريكا ترامب. أمريكا ترامب، تقليدية ومحافظة وصحية وجديرة بالاحترام، وقد رفضت بشدة صارخة العولمة والتوسع الأيديولوجي الليبرالي. هذه هي أميركا الحقيقية، أمريكا الواقعية، التي اختارت رئيسها ولم تستسلم لبروباغندا وسائل الإعلام الليبرالي للعولمة.
وباستثناء لوس انجلس تايمز التي توقعت فوز ترامب،, فإن هذا الفوز، يعد أكثر من مجرد الإفلاس التام لجميع الشبكات والشركات الكبرى للإعلام ، ويكشف عن مصدر جديد وقوي لإعلام يشكل Infowars لأليكس جونز رمزه. تصاعد جمهوره في غضون أيام إلى 20 مليون متجاوزا بذلك قنوات ذات ميزانية عالية. إنها ليست فقط قوة الإيمان بل قوة الحقيقة أيضا.
بإصراره على أهمية الحقيقة، فإن أليكس جونز يعبر عن موقف أمريكا الحقيقية لتي وجدت في ترامب ممثلها المثالي .أكثر من نصف الأمريكيين يعتقدون في أمريكا لذاتها وليس في دعاية العولمة الليبرالية الخادعة و الخاضعة للنخبة العبر وطنية.إنه حدث سار، يمكن الآن الحوار مع أمريكا ترامب. خرجت أمريكا الجديدة من الظل، تلك التي تستقي معلوماتها من لوس انجلس تايمز و وتلفزيونInternet Infowars.
يؤكد ألكس جونز ان انتصار ترامب يعني بداية ثورة أمريكية، أطاح الشعب بالنخب العبروطنية،إنه فجر الكفاح من أجل التحرر الوطني.شبكات الحكومة العالمية فكت قبضتها على الصوت الأمريكي, ومن الآن فصاعدا،ستصبح أمريكا في صف الدول المناضلة من اجل الثقافات والتقاليد ضد طائفة الليبرالية لأنصار العولمة. اليوم ،نحن جميعنا متضامنون مع الشعب الأمريكي .بعد هذه الانتخابات يجب ان نتخلى عن العداء المبسط لأمريكا و الذي كان مناسبا تماما عندما كانت أمريكا من أنصار العولمة.
وإذا وعت امريكا كما ترامب ، بضرورة تركيزها على شؤونها الداخلية وتركت العالم في سلام وهدوء، لن يعود هناك سبب لكرهها. وعلى اية حال، ليست أمريكا بل نخبها العدوانية من أذعنت الدول ونشرت الرعب و الفوضى باسم الديموقراطية و أراقت محيطات من الدم وغزت دولا ذات سيادة.
لا ينتمي ترامب لهذه النخبة وليس منها. وهذا يعني أنه يحمل قيما مغايرة سيدافع عنها، إنها قيم أمريكية محافظة ومسيحية . سياسته تجاه العالم ستكون مختلفة أيضا.
لقد خسر الأوروبيون الليبراليون بوصلتهم. وعندما ستتصل ميركل أو هولاند سائلين عن موعد موكب المثليين، سيتلقون جوابا جافا قاسيا يدعوهما بالذهاب إلى الجحيم. ستفقد شبكات العولمة والعديد من المنظمات غير الحكومية وعملاء أجانب الدعم في روسيا، وإذا أرادوا مساعدة ترامب، فما عليهم إلا الذهاب والعمل بجدية في الولايات المتحدة.
لن نكرس المزيد من الدعم لمحاربة الثقافات و التقاليد المختلفة. وعلى عكس كلينتون، لا يعتبر ترامب المثلية والنسوية و ما بعد الحداثة آ خر تعبير عن التطور، بل انحراف . وأقصى ما يمكن طلبه من أمريكا اليوم، هو علاجه. منظمة سورز الممنوعة في روسيا، ستعتبر قريبا منظمة متطرفة. كل هذا وأكثر يعود فيه الفضل لترامب.سيقول البعض إننا نبالغ في تقدير ترامب. لقد سبق و تهكموا يوم توقعنا فوزه.
حان وقتنا الآن. إذا لم نغتنم الفرصة فلن نلوم إلا أنفسنا.
المصدر:Katehon
Traduit et édité par jj, relu par nadine pour le Saker Francophone
الكسندر دوغين فيلسوف وباحث سياسي منظرالمذهب الاوراسي الجديد. يدعوفكره السياسي إلى إقامة دولة روسية عظمى عن طريق التكامل مع الجمهوريات السوفيتية السابقة خصوصا الناطقة بالروسية مثل القرم واوكرانيا الشرقية.