” وكالة أخبار المرأة “
اختار البرنامج التلفزيوني البريطاني «هيلاري كلينتون: سلطة النساء» الذي عرض أخيراً على الشاشة الثانية لـ «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، الخطبة الشهيرة للسيدة الأميركية الأولى وقتها هيلاري كلينتون في المؤتمر النسائي العالمي الرابع والذي نظم عام 1995 في العاصمة الصينية بكين، كنقطة مفصلية في تاريخ المرأة السياسية في العقدين الأخيرين. فبعدها ستتغير أشياء كثيرة للنساء في العالم، إذ ستصل سياسيات إلى السلطة في دول مختلفة، كما أصبح ممكناً، وبفضل ما حدث منذ تلك الخطبة، تَخَيُّل أن تتزعم دولة مثل الولايات المتحدة سيدة، مثل كلينتون نفسها.
والواقع أن ما جاء في كلمة زوجة الرئيس الأميركي، لم يخرج عن البديهيات، فالعبارة التي كررتها هيلاري بضع مرات في الكلمة الشهيرة تلك: «حقوق المرأة هي حقوق الإنسان»، هي نفسها من خاضت من أجلها نساء كن في قاعة المؤتمر نضالات طويلة، وبذلن العرق والدماء حتى يُسمَع صوتهن.
لكن ما يميز الخطبة تلك، العاطفية والحماسة في تلك الساعة عند هيلاري كلينتون، خلافاً للصورة المُلازمة لها، كامرأة باردة بلا عواطف، وهذا الأمر الأخير هو الذي يقف منذ سنوات عقبة في وجه طموحاتها لتولي منصب رئيس الولايات المتحدة.
يُذكر البرنامج البريطاني بأن أياماً تفصلنا عن إعلان هيلاري كلينتون ترشحيها لمنصب رئيس الولايات المتحدة، وللمرة الثانية، وبعد أن قطع زميلها في الحزب الديموقراطي باراك اوباما طريقها للمرحلة النهائية في الانتخابات السابقة (عُرض البرنامج الخاص قبل الإعلان الرسمي الأخير لهيلاري كلينتون). لكن البرنامج لن يكون بالكامل عن سيرة هذه السيدة السياسية، بل سيمر على تجارب نسائية أخرى من دول مُختلفة، لسياسيات وصلن إلى السلطة، وسيرتهن بعد ذلك في الدفاع عن حقوق النساء في بلدانهن وحول العالم.
يربط البرنامج بين صعود سياسيات في دول مثل الولايات المتحدة والأحداث الجسام من العقدين الأخيرين وآثارها على النساء، فبعد أشهر قليلة على خطبة هيلاري تلك، ستندلع حروب البلقان، والتي تعد الأكثر وحشية على النساء في اوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
توقيت الحرب تلك تصادف مع صعود السياسية الأميركية مادلين أولبرايت، والتي ستكون أول وزيرة خارجية أميركية. ستروي الأخيرة شهادتها للبرنامج، كما ستفعل كونداليزا رايس، التي تقلدت المنصب نفسه، وواجهت في زمن إدارتها حرب أفغانستان، التي أرجعت النساء هناك قروناً للوراء. فيما ستأتي شهادة هيلاري كلينتون في خاتمة البرنامج، وهي التي تسلمت كحال زميلاتها منصب وزير خارجية الدولة الأكثر قوة في العالم، ولكن في ظروف صعبة كثيراً، إذ خاضت السياسية الأميركية في وحل السياسة الشرق الأوسطية بُعَيْدَ ثورات الربيع العربي.
إلى جانب شهادات السياسيات المعرُوفات، يقدم البرنامج شهادات أخرى لناشطات اجتماعيات من دول عدة، منهن المصرية منى الطحاوي، والتي ستأتي شهادتها مُغلفة باليأس مما جلبته الثورات العربية الأخيرة للنساء هناك. على عكس تلك الخاصة بـالليبيرية ليما غبوي، التي ساهمت في وقف الحرب الأهلية في ليبيريا عبر ثورتها النسوية السلميّة، التي استحقت عليها جائزة نوبل للسلام، والأهم من ذلك أن جهودها وغيرها من نساء حركتها مهدا الطريق لوصول سيدة للرئاسة، كانت الأولى لذلك البلد الأفريقي. لا شك في أن التركيز على ما تمر به النساء من ظروف صعبة وظلم يصل إلى درجة الاستعباد أحياناً، هو أمر مُهم كثيراً ولا يحتاج إلى مناسبة، لكن البرنامج بالغ كثيراً في إظهار النساء كضحية فقط، بخاصة عندما تناول موضوع حروب البلقان مثلاً، والتي تشير بعض الوقائع إلى أن كثيراً من النساء كن لا يختلفن كثيراً عن الرجال في حماستهن لهذا الفريق أو ذاك في الحرب تلك.
على صعيد آخر حاول البرنامج أن يكون نقدياً عندما تعرض لعلاقة السياسية الأميركية بالأنظمة الرجعية العربية، وكيف أن هذه العلاقة عرقلت أي جهود لتحرير النساء اللواتي يعشن تحت حُكم تلك الأنظمة.