المرأة ورقة هيلاري الرابحة في سباق 2016
إدوارد لوس – فاينانشل تايمز – ” وكالة أخبار المرأة “
اعتمدت السعودية في الآونة الأخيرة إجازة أمومة مدفوعة الأجر لمدة أربعة أسابيع. وهذا يعني أن النساء السعوديات يتمتعن بمزايا أمومة أفضل من نظيراتهن في الولايات المتحدة.
مزايا العمل التي تحصل عليها النساء في أمريكا والتي هي مزايا ضعيفة على نحو يثير الاستغراب، بدأت تظهر في دائرة الضوء بشكل متأخر. محاولة هيلاري كلينتون للوصول إلى البيت الأبيض استغرقت وقتاً طويلاً لتبدأ. لكن إذا كان بإمكانها تحريك أصوات النساء، كما تهدف حملتها، فإن هذه نقطة ممتازة لمصلحتها في سعيها لدخول البيت الأبيض. فالنساء يصوتن بأعداد أكبر من الرجال. كما أنهن يملكن أيضاً المفتاح لمستقبل أمريكا الاقتصادي.
هيلاري تقريباً تجاهلت جنسها في حملتها عام 2008. فاحتمال انتخاب أول رئيس أسود في أمريكا طغى على السقف الزجاجي الذي يحول دون وصول النساء إلى أعلى المناصب. وبسبب عدم تكلفها، من السهل التقليل من إمكانية أن تكون قادرة على إثارة النساء في عام 2016. في الولايات المتحدة، حصل الرجال السود على حق التصويت قبل النساء بأكثر من نصف قرن. وكانت مشاركة السود في التصويت لباراك أوباما عاملاً قوياً في فوزه الساحق عام 2008. وبإمكان النساء فعل الشيء نفسه مع هيلاري. والفجوة في نسبة المشاركة واسعة بالفعل (63.7 في المئة من النساء في الولايات المتحدة صوتن في عام 2012، مقابل 59.8 في المئة من الرجال). وإذا تمكنت هيلاري من زيادة ذلك بضع نقاط، فإن حساباتها الانتخابية ستكون حاسمة.
أصوات النساء بمنزلة منجم ذهب محتمل بالنسبة لهيلاري. لكنها أيضاً بمنزلة شرك. أي شعور بأنها تحاول إرضاء شريحة واحدة من الناخبين – حتى لو كانت تمثّل أكثر من نصفهم – قد يأتي بنتائج عكسية. وكثير من النساء (والرجال) ينتقدن هيلاري باعتبارها شخصية مُتلاعِبة تدين بمسيرتها المهنية لزوجها. والنساء يملن للحزب الديمقراطي أكثر من الجمهوري، لكن معظمهن لا يصوتن حسب جنس المرشح. علاوة على ذلك، هيلاري، البالغة من العمر 67 عاماً، تعاني فجوة عمرية. في عام 2008 فاز أوباما بأصوات النساء الشابات في الانتخابات الديمقراطية التمهيدية أكثر من هيلاري، على الرغم من أنها حصلت على عدد أكثر بقليل من أصوات النساء بشكل عام. ولا يمكن أن تتوقع تحويل الفجوة بين الجنسين بمجرد الإعلان أن انتخابها من شأنه أن يصنع التاريخ. ستحتاج إلى تحفيز آمال النساء بدون إبعاد الرجال. وكما هي الحال، الغالبية من كلا الجنسين تنتمي إلى الطبقة المتوسطة التي تعاني المتاعب الاقتصادية في الولايات المتحدة.
مضى وقت حين كان الوعد بإحياء قطاع التصنيع في الولايات المتحدة من شأنه تحقيق النتيجة المرجوة. لكن معظم الناخبين يشعرون بأن “إعادة الدعم” مجرد وهم، على الأقل من حيث فرص العمل. إلى جانب ذلك، هيلاري حاولت هذا الاتجاه في عام 2008 وخسرت – ومعظم الوظائف العمّالية التي سبق أن اختفت كانت للرجال. تحدّي هيلاري في اقتصاد ما بعد انهيار السوق مختلف تماماً. فالنساء هن من يتحمل وطأة الاتجاه نحو العمل بدوام جزئي في صناعات عرَضية. وهن من يحصل على معاملة غير عادلة للغاية أكثر من معظم الاقتصادات المتقدّمة الأخرى. بين الديمقراطيات الغنية، وحدهن النساء في الولايات المتحدة لا يملكن الحق في إجازة أمومة مدفوعة الأجر، وليس هناك دعم فيدرالي لمرافق رعاية الأطفال، وهناك قليل جداً من الحماية أثناء الحمل. بموجب قانون صدر في العام الأول من رئاسة بيل كلينتون، يحق للأمريكيين إجازة غير مدفوعة الأجر لرعاية الأطفال لمدة 12 أسبوعا. ولم يتم إضافة أي شيء آخر منذ ذلك الحين. ووفقاً لمركز التقدّم الأمريكي، وهو مؤسسة استشارية في واشنطن، لا يوجد تقريباً من الرجال من يستفيد من هذا القانون. ربما استفادوا منه لو كان يستحق وقتهم.
لكن الفضيحة الحقيقية هي انخفاض معدل توظيف النساء في أمريكا. حتى عام 2000، ارتفع معدل مشاركة القوة العاملة من النساء في الولايات المتحدة بالتوازي مع تلك التي في بلدان أخرى. لكن منذ ذلك الحين، انخفض المعدل في حين استمر في التحسّن في أماكن أخرى. 75 في المائة فقط من النساء في الولايات المتحدة اللواتي تراوح أعمارهن بين 25 و54 يعملن، مقارنة بمتوسط يبلغ 79 في المائة في البلدان المتقدّمة الـ 22 الأخرى. السبب الرئيس هو ضعف المزايا التي تتمتع بها النساء. في أماكن مثل ألمانيا وكندا، الفجوة بين أجور الرجال والنساء أقل بكثير مما هي في الولايات المتحدة. وهذا جزئياً لأن عددا أكبر بكثير من الرجال يأخذ إجازات الأبوة. وهذا أيضاً لأن الولايات المتحدة تملك دعما لرعاية الأطفال أضعف بكثير. تقريباً في نصف عدد الولايات الأمريكية، وضع طفلين في مراكز رعاية الأطفال يُكلّف أكثر من متوسط تكلفة الإسكان. ولا عجب أن كثيرا من النساء كنّ يتركن العمل.
في هذا الصدد، ترشيح هيلاري يأتي في الوقت المناسب تماماً. المشكلة الاقتصادية الكبرى في أمريكا هي الطبقة المتوسطة الراكدة. لذلك من المرجح أن تكون هذه هي القضية الأساسية في الانتخابات الرئاسية عام 2016. العلاج الأكثر وضوحاً هو جلب المزيد من النساء إلى القوة العاملة في الولايات المتحدة والحفاظ عليهن هناك. كلما كانت القوة العاملة أكبر، طالت المدة التي يستطيع فيها الاحتياطي الفيدرالي إبقاء أسعار الفائدة منخفضة بدون إثارة التضخم. وكلما شعرت النساء بأمان أكثر في وظائفهن، انخفضت تكاليف تغيير القوة العاملة بالنسبة لقطاع الأعمال. فالعثور على موظفين جُدد وتدريبهم يُكلّف أكثر من الاحتفاظ بهم مع مزايا لائقة.
الحجة الاقتصادية الداعية لذلك لا تحتاج إلى تفكير – فالولايات المتحدة بمنزلة جيل تأخر عن الحفلة. لكن الحجة السياسية قد يكون ترويجها أكثر صعوبة. في الأعوام الأخيرة، كان الديمقراطيون، بما في ذلك هيلاري، يركّزون على “الحرب على النساء” التي يشنها الجمهوريون. الولايات التي يُسيطر عليها الجمهوريون كانت منشغلة بجعل الإجهاض أمراً أكثر صعوبة. كما كانت أيضاً تُقيّد الوصول إلى وسائل منع الحمل. ربما تشعر هيلاري بالإغراء في المزايدة في هذا الرهان الخطابي. لكن سيكون من الخطأ القيام بذلك؛ لأن الجمهوريين سيفعلون ذلك بأنفسهم. لذلك ينبغي أن يكون تركيزها على الاقتصاد الأمريكي. فقضايا النساء لم تعُد بعد الآن مجرد قضايا النساء، هذا إذا كانت كذلك أصلا. فرفاهة النساء الاقتصادية مفتاح لتعزيز النمو على المدى الطويل في أمريكا.
كلما تمكنت هيلاري من جعل الناخبين يفكرون أكثر في هذا الأمر، أصبح من المرجح أكثر أن تحول الحوار إلى الوجهة المناسبة لها.