انت هنا : الرئيسية » اخبار متنوعة » الحرب في اليمن

الحرب في اليمن

إعداد بوطاهر لطيفة

latefa

حول “عاصفة الحزم”
أثارتها المملكة السعودية قا ئدة التحالف العربي استنادا إلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك واستجابة لدعوة الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتدخل العسكري “لحماية اليمن وشعبه من عدوان المليشيات الحوثية….ودحر مؤامرتها على اليمن الشقيق.”
لأن “أمن اليمن هو جزء من الأمن الوطني لدول مجلس التعاون وأن استقرار اليمن ووحدته يشكل أولوية قصوى لدول المجلس”.
بهذه الطريقة تبرر الرياض حربا جوية لحد الساعة، ضد الحوثيين.
لكن، وبعجا لة، هل يشكل هؤلاء خطرا يستدعي تحالفا واسعا تباركه واشنطن،باريس ولندن؟
ما هو الرقم الحوثي في المعادلة الجيوسياسية الإقليمية؟ و قبل ذلك من هم هؤلاء الحوثيون؟ ماهي مطالبهم؟

عقائديا،يعتبر الحوثيون- أتباع بدر الدين الحوثي- شيعة زيدية نسبة إلى الإمام زيد بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي المستشهد عام 122هجرية. والزيدية –برأي العارفين- هي أقرب الفرق الشيعية إلى السنة، تتولى الصحابة و تعاكس غلاة الشيعة في ذلك. تصنف بعض المصادر الحركة بأنها شيعية اثنا عشرية، وهو ما ينفيه الحوثيون الذين يؤكدون أنهم لم ينقلبوا على المذهب الزيدي رغم إقرارهم بالالتقاء مع الإمامية في بعض المسائل كالاحتفال بعيد الغدير وذكرى عاشوراء.
يشكلون ثلث السكان حسب إحصاءات غير دقيقة، و ينتشرون شمال غرب اليمن ، في ذمار وعمران وصعدة وصنعاء.

ماهي مطالبهم؟
أسس محمد بدر الدين الحوثي سنة1992 منتدى الشباب المؤمن” لأنشطة ثقافية تخص الطائفة الزيدية،
وفي 1997 تحول المنتدى إلى حركة سياسية تحمل اسم “تنظيم الشباب المؤمن”، واتخذت منذ2002 شعار
“الله أكبر.. الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام” الذي يردد عقب كل صلاة..
تزعم الحوثيون المعارضة السياسية لنظام عبد الله صالح ذي التركيبة القبلية المهمشة (بضم الميم) و خاضوا بين 2004
و2010 ستة حروب مع نظامه في معقلهم الجبلي في صعدة.
عارضوا حزب الإصلاح الذي يشكل برأيهم الدرع اليمني للإخوان المسلمين وكانت مشاركتهم قوية في ثورة 2011.
ومنذ الحوار الوطني الذي أعقب انتقال السلطة في 2012،و باسم “الشراكة الوطنية”، ارتفعت حدة احتجاجاتهم ضد تمثيلية ضعيفة ورفضوا نظاما فدراليا يقلص من مساحتي صعدة و هاديا ولا يمكنهم من منفذ على البحر.
هكذا أصبح موضوع التقسيم الجغرافي للأقاليم نقطة الخلاف الرئيسة بينهم وبين الرئيس هادي، و ظل عبد الملك الحوثي يطالب بسرعة تنفيذ “الشراكة الوطنية” كعقد سياسي ملزم يسمح بالمشاركة في جميع الأجهزة العسكرية والمدنية للدولة.
أدى رفض المطالب إلى المواجهة العسكرية التي أسفرت على سيطرة الحوثيين على غرب وجنوب البلاد ووصلوا في 25 مارس إلى 30 كلم من عدن و هددوا بالسيطرة على ميناء المخا على البحر الأحمر الذي يفتح الطريق إلى باب المندب. تقدم الحوثيين على الأرض بتصعيد عسكري أحدث فزعا في كل الجوار الجغرافي الذي اتهم إيران بالوقوف خلفه .
هزة جديدة في المنطقة اختزلت كل الخريطة السياسية اليمنية في صراع مذهبي و أطرتها بالخلاف : السني –الشيعي و الإثني :العربي الفارسي الذي يخل أكثر فأكثر بالتوازنات لصالح “الصفويين”. فتح المعجم السياسي التاريخي و استدعيت كل المصطلحات لإعطاء الشرعية لحرب تضاف للائحة طويلة من الاقتتال العربي –العربي.
ماهو رقم”أنصار الله”في المعادلة الجيوسياسية الإقليمية؟
رأينا أن الخلفية المذهبية للخلاف اليمني –يمني حول السلطة و شرعية مشاركة جميع أبناء الوطن في تسيير البلاد
في إطار ديمقراطي هيأت مناخه ثورة شعبية ،قد حولته إلى صراع طائفي يخضع لولاء خارجي.أصبح الحوثيون”أنصار الله” ميلشيات تسعى إلى السيطرة على اليمن لحساب إيران.
دفعت هذه القراءة بالسعودية إلى الدخول في حرب تهدف منها إلى إضعاف الحوثيين وإرغامهم بقبول كل التسويات يمنيا و إقليميا كاسرة بذلك ما تراه مدا إيرانيا يطوقها في المنطقة،و ساعية إلى خلق محور سني قوي يدعم دورها القيادي فيها.
هل تستطيع المملكة إصابة هذا الهدف؟
إن الحرب الجارية رسالة لإيران الدولة الأقوى إقليميا والمعترف بها دوليا ، وقد أثبتت اتفاقية لوزان الأخيرة قدرتها على الثبات والمناورة. فهذه الدولة قد بنت بفضل سيادة واستقلال القرار الوطني قوة عسكرية هائلة ولها من المؤهلات البشرية، العلمية و الجيوستراتيجية ما سيجعل منها قوة ا اقتصادية هائلة.
فهل يمكن إضعاف إيران من خلال إضعاف من صنفوا بأذنابها؟
هل يمكن للمملكة السعودية أن تحقق دورا رياديا كالذي لعبه تاريخيا العراق؟
ألم يلغ العرب أنفسهم من المنطقة كقوة فاعلة يوم ساهموا في إسقا ط العراق؟
إن في إضعاف “الأذناب “إضعاف للأوطان عبر تهييج و إثارة المشاعر الطائفية و المذهبية ،فا لشيعة في السعودية يمثلون 15 إلى 20بالملئة من السكان-2بالمائة حسب الإحصائيات الرسمية- يعيش الثلثان منهم في المنطقة الشرقية المتا خمة للبحيرين، و لن يصفقوا لما يتعرض له الحوثيون.
ليس من الحكمة أن تحول المملكة جزءا من مواطنيها لعنصر ضغط داخلي فتضع نفسها بين جبهة داخلية وأخرى على حدودها.
بدأت الحركة الحوثية سلمية و تحولت إلى مواجهة عسكرية داخليا و هاهي الآن تحارب انتلافا تراه عربيا صهيونيا و أمريكيا يسعى لإدخال اليمن في دائرة مناوئة لمقاومة الاستعمار الجديد في المنطقة.
دخلت المملكة السعودية حربا تسعى من ورائها لإضعا ف من تراه حليفا “للصفويين”،فأصبحت دون إرادة ،حليفة موضوعية للقاعة و داعش التنظيمان اللذان يباركان الحرب على “أعدائهما الروافض”.
اختلطت كل الأوراق و ظهر العرب يتخبطون في المحيط الإقليمي خبط عشواء، عاجزين عن بلورة مشروع واضح في وقت تحقق فيه إيران إنجازات قوية إقليميا و دوليا.
ظهر واضحا ما كان معلوما. غياب العراق، إذكاء الحرب الأهلية في سوريا أسقط كل توازن في المنطقة لصالح وتركيا و إيران.
لا يمكن –موضوعيا- حسم هذه الحرب جويا. فما هي السيناريوهات إذا تقرر التدخل الأرضي؟
ما هي الورقة التي قد تلجأ إليها جماعة الحوثيين لتأجيج الصراع و تدويلها؟
“لأنصار الله” معرفة كبيرة بالبحر الأحمر و خليج عدن وباب المندب المدخل الجنوبي لقناة السويس التي يمر عبرها 12% من حجم التجارة العالمية،فماذا لو لجأت لأعمال تلحق الضرر بهذه الملاحة؟
وماذا سيكون رد فعل الجانب المصري الذي يعتبر أن باب المندب قضية أمن قومي؟ ألن تحرك إيران سفنها في نفس الاتجاه؟
فتحت هذه الحرب باب كل التكهنات، ويبدو أن سيناريو تصحيح الاختلال الاستراتيجي في المنطقة هو أضعف حلقة في سلسلة أهدافها.
و لإيران “حلقة أمنية” تمتد من مرتفعاتها حتى الشواطىء الغربية للأبيض المتوسط تستطيع حمايتها.
ولو اعتبرنا أن هذه الحرب ستنجح في هزيمة الحوثيين وإعادة “الشرعية “لليمن، هل تصح المراهنة بعد ذلك على استقراره بتحييد مكون هام من مواطنيه؟الحوثيون طرف في العملية السياسية ولا مجال للمراهنة على ضعفهم، فقد حولتهم هذه الحرب إلى حركة مقاومة لها عمق استراتيجي في المنطقة.
إننا في بداية حرب مفتوحة على كل الاحتمالات، وما كان يمكن حله سياسيا سيصعب إن لم نقل سيستحيل حسمه عسكريا، وما كان رقما في المعادلة السياسية اليمنية لقد يصبح مضاعفا في المعادلة الجيوسياسية الإقليمية.
وللحديث بقية……..

عن الكاتب

عدد المقالات : 1688

اكتب تعليق

الصعود لأعلى