باريس ـ خاص ـ “رأي اليوم” حاورها حميد عقبي:
ضيفتنا لهذا اللقاء شاعرة تتنفس الشعر ثم يكون زفيرها قصائد تغني للسماء و النجوم و المطر ثم تهرع للبحر تصافحه قبل أن تتمرغ في حديقة الزهور العطرة، قصائدها حكايات حية منسوجة من خيال متمرد تحاول الإبحار في عالم ميتافيزيقي ترسم لوحات فنية بمفردات لغوية سهلة لكن الدهشة في البناء فالشعر هنا ليس صناعة أو حرفة نحسّه أهازيج طفولية و هذيان سحري.
الشاعرة المغربية علية الإدريسي البوزيدي أصدرت ديوانها الثاني (هواء طويل الأجنحة) عن دار التوحيدي للنشر والتوزيع ووسائط الاتصال بالرباط في طبعته الأولى.
سنحاول السفر في عمق شاعرتنا في حوار غير عادي بحاجة إلى قراءة واعية و فك طلاسمها و التعمق إلى ما وراء السطور.
•توجد شكاوي من مبدعين و مبدعات بقلة الدعم الرسمي لهم وشللية تسود الوسط الأدبي ما هو رأيك بهذه النقطة؟
•الكتابة هي ذاك البئر الذي نُسْقط فيه مطرنا الدائم لئلا نحزن على عصافيرنا الصغيرة وكي يَتذكر أطفالنا رائحة القهوة التي تسرد أحلامنا وآلامنا وهي تنظر إلى الغد في نهاية النهار لتساعد أصابعي التي تحرس نبضي القديم
ليس علي أن أنتظر السراب لأرفع الكأس كما ليس علي أن أبدل ملابسي لتصير بمقاس الشلة وقت القيلولة
أنا لون واحد أكتب وأطبع على حسابي لأني أحب أن أراني صادقة في رسائلي التي أحضنها كدموعي المثمرة بعيدا عن العصابات المشبوهة.
•ما هي الهموم المقلقة في الإنتاج الإبداعي للكاتبات المغربيات اليوم كيف يتم التعبير عنها هل من خوف و خطوط حمراء يجب عدم تجاوزها و هل تصوير الجسد الأنثوي بشكل حسي من ضمنها ؟
أحتاج قلما وكراسة وليلا طويلا .هؤلاء وصيفاتي اللواتي تسافرن في متاهاتي بحثا عن غيمة أو مسافات تتغنج بلا مظلة لتكتبن قلقهن الوارف كظل البحر.
لا ألتفت للخطوط لأني مصابة بعمى الألوان في حياتي الأخرى ،أكتب بدون نظارة ،وعندما أثمل أرسم دخانا صغيرا في ساعة متأخرة ،لأواصل السير داخل النفق بصراخ طويل حتى لا تتغير قناعاتي اليتيمة .
•هل من تطور و جديد في تقنيات الكتابة خصوصا مع وسائل النشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا الفيسبوك بعض الكتابات الخفيفة السندوتشية قد تجد شهرة و جمهور ما تفسيرك لمثل هذه الظواهر؟
لكل آذان وقته تقول جدتي وهذا القول ينطبق على الكتابة التي تشاكس جوعنا للتفاحة المحرمة كظلال آلامنا الورقية في الليالي العاصفة والتي تنكتب هناك لا ضرر من بعض الكتابات الخفيفة التي تكسو صفحات وجوهنا لتسري كشهوة قديمة نواعدها في محطات القطارات والمطارات وقبل النوم وأحيانا كثيرة تقربنا من طرق اعتدنا المشي عليها حيث نخبئ تعبنا من ساحة الحرب
بينما العالم منشغل بالخوف من انقراض محتمل بعين اليقين.
•مؤسس الفيسبوك فتح قناة لنشر الكتب كيف تنظرين لهذه الخطوة و هل من خوف على النشر الورقي؟
هذه القرية الصغيرة تجرجر صمتنا ونحن نركض في محاولة للحاق بالنوافذ المغلقة والأبواب الموصدة التي تكبر كعيني تنين في الظلام عندما نصغي
لقوس قزح أو تحت إشارات حمراء حيث تحلق الفراشات المكدسة تحت أسماء وعناوين تحلم أن يسمع صوتها في الأرض
لقد وفر النشر الإلكتروني الفرصة لمثيلاتي لكسب مغانم نفيسة خصوصا أمام غلاء الأسعار وسوء توزيع الكتاب فصرنا نتابع ضوء العالم بكل الألوان فصرنا مجبرين على ارتداء نظارات طبية
•حدثينا عن تجربتكِ الإبداعية و أهم الإنجازات و مايميزها؟ قد نلمس ملامح تمرد في بعض قصائدك هل أنتِ عنيدة و متمردة؟
أنا لست عنيدة ،ولا متمردة ،أنا علية .أكتب مطري لأصالح جفاف العالم دون أن أقلد السماء التي تصرخ كل صباح. وعندما يأتي المساء تضع على كتفها نجمات كثيرات .لتسرد حكايا ت الغابة وهي تفلي شعر الأرض.
في كتاباتي أنتصر لهواجسي التي تسكنني وأسكنها ،بمزيد من الحفر أعصر على قلمي بعض الطفولة ،والكثير من الحزَن لأرقص في موعدي المعتاد، وأنا أنتقم من البرد، الذي سكن أعشاش السنونو طيلة حيوات منتظمة .
عندما أصدرت حانة لويأتيها النبيذ سنة 2009 كنت أجرب أن أستقيم مثل وتر الكمنجة لكن عندما أصدرت هواء طويل الأجنحة سنة 2014 كنت أصطاد النجوم التي تحلم مع جدتي .
•كثيرة هي الصحف و المطبوعات المغربية إضافة إلي المواقع الإليكترونية هل يجد الأدب و الشعر مكانته ؟
كثيرة هي الجرائد التي نلف فيها حفنة الحمص واللوز وعباد الشمس وغالبا ما نتخلص منها في الشارع العام أونمسح بها المرايا لتصير شفافة كما كثيرة هي المواقع الإلكترونية التي تتكاثر كالذباب بسبب النفايات المتعفنة و أحيانا لإنعدام حس جمالي وكثرة الوجبات الجاهزة مع استثناآت خجولة جدا دأب أصحابها على رسم خريطة ثقافية داخل ملاحق كانت يتيمة أو في مطبوعات أنيقة منتصرين للجمال بعيدا عن الجمجة واللايكات
.
•هل لكم مطالب خصوصا الكاتبات و الشواعر؟
للكاتب شمعة يضيء بها قبره في هذا العالم مخافة أن يصدأ من كثرة الرطوبة التي تعشش كالعناكب في سقف البيوت المهجورة
شخصيا أتمنى أن أبقى تلك الغيمة التي تملح البحر بعيدا عن أعين الوشاة.
* يتم تكفير الكاتب و يعاقب بالجلد لمجرد تغريدة هل وضعكم بالمغرب العربي افضل؟ هل تشعرون بمساحة واسعة للتعبير دون خوف؟
العالم يحتاج إلى ورقات بيضاء لتكبر فيها صغار السلاحف صديقة الجميع فذاك الجائع الذي يبحث عن فريسة بلا وضوء يدير الرحى بعنف مزيف في حين أن المبدع منشغل بغرس الورد في حديقة قصره الكبير
ساحة المغرب كالشجرة العالية، التي ترسم قوس قزح. لتعيش ضحكة الفراشة والنار
جنبا إلى جنب . لذا أكتب بفرح ضجيجي الذي لا يؤذي نفسه.