في مصر اليوم….
بوطاهر لطيفة
الإثنين 31-3-2014
و جدت هذا الصباح في بريدي الإلكتروني رسالة من المنظمة غير الحكومية آفاز تدعو فيها إلى توقيع عريضة ضد حكم الإعدام “المهزلة” الذي صدر في حق الإخوانيين. تقول الرسالة:
“أصدرت محكمة مصرية صورية الحكم بالإعدام في حق 528 شخصا، إنه بالتأكيد أكبر إعدام جماعي عرفه هذا
القرن. لرجل واحد ،عشرة أيام لوقف هذه المجزرة. نوجه النداء للمفتي علام ،من أجل استخدام سلطته المعنوية في التماس العفو ومنع هذا القرار الهمجي. لبوا نداءنا العاجل لوقف هذه الإعدامات”.
وقعت وأنا أحس بحزن عميق لما آلت إليه الأمور في مصر، تمخض ربيعها فولد حالة من العبثية السياسية لم تقل بعد كلمتها الأخيرة.
أ ثار هذا الحكم العجول الذي أصدرته محكمة المنيا في قضية أحداث قرية مطاي ،استياءا دوليا كبيرا . فبالإ ضافة لطبيعته الهمجية التي أدانتها كل المنظمات الحقوقية، فقد شابته مخالفات إجرائية تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي بحسب المفوض السامي لحقوق الإنسان با لأمم المتحدة: صدر بعد جلستين ، لم يراع حق الدفاع، غابت عنه أغلبية المتهمين ولم تقرأ التهم الموجهة إليهم.
لا يمكن تطبيق حكم الإعدام وفق الأمم المتحدة إلا عندما يتعلق الأمر بأشد الجرائم خطورة ،مما يستثني الانتماء لجماعة سياسية غير مشروعة أو المشاركة في التظاهرات.
و تعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإتعدام معارضة مطلقة في كل الحالات ودون استثناء ،باعتبارها تمثل انتهاكا لحق الحياة الذي نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وتصرح نفس المنظمة أنها ا طلعت على مقترحات مشاريع مصرية تطرح تدابير لتوسيع نطاق عقوبة الإعدام.
توجد مصر حاليا على رأس قائمة دول منطقة الشرق الأوسط و شمال افريقيا في تنفيذ هذه العقوبة التي ألغاها أكثر من نصف دول العالم في القانون أو الممارسة العملية.
وفي هذه الحالة بالذات، يكشف الحكم بهذه العقوبة أسلوبا ممنهجا لإ ضعاف المعارضة التي يقودها الإخوان المسلمون تحديدا بحجة الإرهاب، وكونهم “جماعة تكفيرية لا سا بق لها في التاريخ الإسلامي “.
هذا التطرف في الرأي الصادر من دعاة الاعتدال و الوسطية في الإسلام يستبيح دماء فصيل عن ترصد وسبق إصرار يرمي بكل البلد في أحضان بدائية متوحشة لن يستطيع “المشير” الرئيس القادم لمصر انتشالها منه.
في أي اتجاه تسير مصر؟
اعتقدنا أن الانتفاضة الشعبية العارمة ستتحول موضوعيا لثورة تحقق هدفها الأول المتمثل في الديموقراطية الراعية لكل الحريات المدنية و السياسية،
اعتقدت مع الكثيرين أن المعسكر الديموقراطي سيسترد أنفاسه بعد عقود من القمع و الاضطهاد، و يبدأ في بنا ء مشاريع مجتمعية، سياسية و حضارية في مستوى المرحلة،
كان متوقعا من النخب تنزيل ثقافة الحوار من أجل إنشاء أرضية تعايش بين كل التيارات الفكرية و السياسية،
اعتقدنا أن مصر قد ٌ قررت أن تكون دولة مدنية و أن حكم العسكر قد ولى إلى غير رجعة.
فو جئنا با نقلاب عسكري و تراجع خطير للمد الثوري.
سيحدد التاريخ مسؤولية كل الأطراف فيما حدث، وفي انتظار ذلك نقول، إن من حق طرف أو غالبية المصريين أن يعتقدوا أن “المشير” هو القائد الذي سيخرج مصر من جميع مشاكلها و و يسترد للبلد دوره الريادي إقليميا و دوليا، و لكن من حق غيرهم في مختلف المواقع أن يعبر عن بعض ما يعتقده:.
تحتاج مصر و أكثر من أي وقت مضى و كغيرها من بلدان المنطقة إلى نخب سياسية مواطنة،ديموقراطية و متمرسة سياسيا و ذات مشروع تنموي يجعل هدفه الأول انتشلال الإنسان المصري من شباكات الاستغلال الاقتصادي و الاجتماعي التي ترتبط عضويا بالسياسي، فبا لإنسان الحر تبنى الأوطان.
تحتاج مصر مشروعا قائما على مصالحة و طنية حقيقية يستعيد بها المغلوب الآني كرامته و مكانته. فا لمراهنة على إلغاء الخصم أو قتله ،انتحار سياسي .
ورغم اليقين في القدرات الإبداعية لأهل مصر، نذكرهم بتجارب مصالحة عرفتها افريقيا الجنوبية و كذلك المغرب الأقصى. ونظرا لما أسفرت عليه من نتائج، يمكنها أن تكون عبرة لأولي الألباب.
فليوقع العريضة من استطاع و يقول، على مصر السلام.