الإخوان المسلمون ، تحقيق في آخر ايديولوجية شمولية.
تقديم وترجمة حوار حول كتاب
تشغل الحركات الإسلامية الصدارة في في الكثير من الدراسات و التحليلات السياسية الغربية التي تخلص فى نتا ئجها إلى تكريس منطلقاتها و خلفياتها الفكرية.
أعاد “الربيع العربي” هذه الحركات إلى الواجهة،تأججت التساِؤلات حول أصولها،أهدافها و علاقاتها بالسياسة،وأثار وصولها إلى السلطة مخاوف كبيرة حول مدى تأثيرها إقليميا و تفاعلاتها دوليا.
تركزت الاهتمامات على حركة”الإخوان المسلمون” نظرا لتاريخها وما لمصر من مواقع في منطقة من أكثر المناطق العالمية إثارة للصراعات الاستراتيجية.
لفت نظري مِؤخرا كتاب تحت عنوان:
” ا لإخوان المسلمون،تحقيق حول آخر ايديولوجية شمولية”1، و هو من تأليف ميخائيل برزان .
ولإعطاء فكرة عن هذا الكتاب، ارتأيت أن أترجم التقديم والحوار الذي أجراه معه فلاديمير دو كريملين2 لمجلة مريان.
“إسلاميون معتدلون أم أنصار خلافة إسلامية؟متسامحون أم شديدو العداء للسامية؟في كتابه”الإخوان المسلمون،تحقيق حول آخر ايديولوجية شمولية”،يحاول ميخائيل برزان كشف الستار عن منظمة ذات أهداف وبنيات غير شفافة.
إنه استطلاع جديد يغوص في شبكات مجموعة كانت من أشهر مضت، تقود الدولة المصرية.
ميخائيل برزان مخرج الأفلام الوثائقية، الصحفي ومؤلف:وحدات القتل المتنقلة،كومندوس الموت النازية(3)
وتاريخ من الإرهاب-1945-2011- (4)،جاب العالم العربي،أروبا و أمريكا خلال سنتين حتى يستطيع فهم حقيقة “الإخوان المسلمون.”
إسلاميون معتددلون كما يروق لهم تقديم أنفسهم،محسنون للشعب،للفقراء والمحتاجين،منظرو دين متعنتون ،أم أصحاب رِؤية متطرفة وأنصار خلافة عالمية؟
من خلال إعادة بناء دقيق لتاريخ الحركة، لقاءاته مع أعضاء ومسؤولين بارزين وإجراء مقابلات مع خبراء، استطاع المؤلف أن يسلط الضوء على علاقات الجماعة مع العديد من الحركات ،كالقاعدة وحماس الفلسطينية مرورا بالجبهة الإسلامية الجزائرية للخلاص و النهضة التونسية.
تأسست الحركة سنة 1928 على يد حسن البنا وقد عات إلى العمل السري.
سجنوا واضطهدوا، فهل استسلم الإخوان و اعترفوا بهزيمتهم بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليوز 2013؟
إن م.برزان الذي الذي أنهى بحثه في15 غشت2013 ،يطلع مجلة ماريان على العلاقات التاريخية بين الحركة والنازية والتحالفات بين السنة المصريين و الشيعة الإيرانيين ودور الإخوان في نشر ايديولوجية اللاسامية في العالم الإسلامي.
ما حال الإخوان بعد الذي حل بهم وما هي معنوياتهم؟
-لم يتوقعوا الأمرأبدا ، اعتقدوا أن السلطة صارت بأيديهم بحكم حتمية قدرية،لكنهم أصبحوا اليوم معرضين للاضطها د والسجن ويعدم أتباعهم.أحدث سقوطهم صدمة في المنطقة كلها، فقدت النهضة التونسية زمام السيطرة على السلطة وأصبحت تقبل بأمور كانت ترفضها ،كالتعامل مع السلفيين.
رأت قوانين ديموقراطية النور،كحرية التعبير وأصبح الشركاء في حركة حماس معزولين، وفي مصر أعيد إصدار الإجراءات القانونية التي اتخذها عبد الناصر في 1954:منع الجماعة و مصادرة كل الممتلكا ت و تجميدها و منع كل ما تديره من بعيد أو قريب.
ألا تكمن الإشكالية تحديدا في هذه النقطة الأخيرة؟
اكتسب الإخوان قاعدة شعبية لأنهم سدوا فراغا أوجده غياب الحكومات المرتشية، أنشاؤوا المدارس و المستشفيات و دور العجزة…
—إنه فعلا جوهر مشكلة حقيقية،لأن هذا الإجراء لا يمكن أن يثبت في مصر الحالية.الإخوان حذرون واتخذوا إجراءات تخفي ارتباطهم الرسمي بهذه الشبكات التي تعمل كضمان اجتماعي، ومن الصعب جدا الاستغناء عنها في بلد شديد الفقر وربع سكانه أميون. ورغم وجود إرادة في الاجتثاث النهائي لهذا التأثير،فإن ذلك صعب جدا من الناحية الواقعية.
وما هو الحل الممكن؟
يجب ضخ أموال كثيرة في الميدان الاجتماعي، إلا أن هذا المال غير متوفر، ولن تمنحه مملكات الخليج لأنها-باستثناء المملكة السعودية التي تدعم النظام الجديد- تمول شبكة جمعيات الإخوان.
واقعيا، أليست مصر في حالة عزلة إقليمية؟
لا أعتقد،لأن المعطى قد تغير.لما وصل الإخوان إلى الحكم غازلتهم بعض القوى: تركيا ،قطر و ايران، لكن فشلهم أفشلها في كسب التأثير. تراجعت تركيا، ورغم كل الجهود التي تبذلها ايران،فإنها تظل معزولة في محيط ذي أغلبية سنية.
ألا تعتقد أن هذا التمييز بين الشيعة و السنة لا معنى على المستوى الإقليمي؟
هناك فوارق و صراعات و تعارضات قوية من الناحية العقائدية و الدينية، ولكن يجب أن ندرك بأن الفرق ضئيل من المنطلق الإيديولوجي بين الثورة الإسلامية الإيرانية التي يجب -تمييزها عن المؤسسة الدينية الشيعية-والجماعة .
فتأ ثير الثورة الإسلامية قوي جدا في المنطقة،لولاها ما حدث اغتيال السادات. كان الإمام الخميني يستشهد بالسيد قطب في خطبه،و السيد قطب هوالمفكر الأبرز لجماعة الإخوان و المنظر الرئيسي للجهاد الحديث و الأب الروحي لتنظيم القاعدة.
ومن وجهة النظر هذه،فإن ايران مثل ونموذج.شهدت الخمسينات اندماجا مع فدائيي الإسلام الإيراني الذين أنشأهم
نواب الصفوي.
وقد استدعي هذا الزعيم الإرهابي القريب فكريا من الإخوان إلى حضور المؤتمر الإسلامي في القدس سنة 1953 والقاهرة في 1954،بفضله اكتشف الخميني السيد قطب و اهتدى لفكر الجماعة.والذي جعل الإخوان يتأثرون بدورهم بالثورة الإيرانية هو رجوعها لإسلام نقي و شديد و كذلك زخمهالثوري،ثم إن الإسلام استطاع قلب نظام كريه حليف للأمريكيين.
إن لمصر و ايران نفس التاريخ الحديث.عانى كلاهما من نيرالاستعمرار و أنتجا منظمات إرهابية تستند إلى نفس الايديولوجيا.
تشرح كذلك كيفية تسلل وانتشار اللا ساميةعلى نطاق واسع في خطاباتهم؟
نعم، كان ذلك بفضل دعاية نازية في غاية الأهمية وذات قنوات متشعبة تتقدمها المدارس الهندسية الألمانية التي كانت متؤصلة بين نهاية العشرينات و سقوط النازية.من هنا انتشرت اللا سامية عند الإخوان.ومع أننا نجدها في القرآن، فإني أميل إلى “النسبية”.تاريخيا كانت العلاقات جيدة بين اليهود والمسلمين وأفضل مما كانت عليه في الغرب،ويرجع ذلك لوضع الذمي الذي يمنح اليهود الحماية مقابل دفع الجزية.
أدت نهاية الا ستعماروطرد اليهود من البلاد العربية و إنشاء دولة اسرائيل إلى تصاعداللاسامية.
ساهم غياب اليهود وكذلك نظرية المؤامرة الكبرى اليهودية الغربية المحاكاة ضد الإخوان وضد الإسلام بطريقة أوسع في شيطنة اليهود.
يجب ألا ننسى أيضا أن العديد من من المسؤولين في حركة الإخوان يستشهدون ببرتوكول حكماء صهيون.وهو ابتكار لا سامي محض لروسيا القيصرية ،استعمله النازيون كوسيلة دعاية وانتشر على نطاق واسع في العالم العربي و الإسلامي.ومن جهة أخرى، فإن تنظيم الحركة وبنيتها تم على غرار الحركات الفاشية و النازية. و بالنسبة لجهازها السري، فإنه ممول مباشرة من الحزب النازي .هذا ما يجهله الإخوان اليوم بدون شك ،ولكنها الحقيقة.
ماهي الطريقة التي اعتمدتها في تحقيقك و هل كان من السهل التحد ث إلى محاوريك؟
كنت قد التقيت ببعضهم بمناسبة كتابي حول تاريخ الإرهاب وقبل وصولهم إلى السلطة، خصوصا السيد محمد مهدي عاكف”المرشد الأعلى” حتى عام 2010.إنه. واقعي وأقربهم إلى السيد قطب.رئيس الجهاز السري ،قد ساهم كثيرا في تطوير مسجد ميوننيخ في السبعينات وهوالمركز الذي انطلقت منه الشبكة الأوربية،لا محل للغة الخشب مع هذا السيد.
ولما عدت إلى مصر،وكانو حينها على أبواب السلطة، كانت الأمور متغيرة، لقد فازوا في الإنتخابات التشريعية وعلى مقربة من اللاستحقاقات الرئاسية.وكان عليهم طمأنة الغرب وتأمين المساعدة الأمريكية.
اعتمدت استراتيجية بسيطة وفعالة،دعوتهم للحديث عن تاريخهم وهو مفخرة وتراث لا يمكن تفاديه.
أمكن بعد ذلك الانزلاق عبر الفجوات وتم التطرق لمواضيع كالخلافة الإسلامية الإقليمية و العالمية.هذا السؤال يزعجهم كثيرا حين يصدر من غربي،والجواب هو:
تعتقدون في الغرب أن كلتا الإيديولوجيتين:الرأسمالية و الشيوعية صالحتان لكل العالم،لماذا يمنع عنا أن نقول إن ايديلوجيتنا هي الأصلح لكل الإنسانية؟
لا يخلو هذا الاعتقاد من الصحة، فا لوحدة ركن من أركان الإسلام الخمسة، ( لعل المؤلف قد وقع في لبس، فالظاهر أنه يخلط بين الوحدانيةو الوحدة)..ويستطرد:
يمكن تطبيق هذه الإيديولوجية العالمية بطريقتين:
إما با الثورة،القتال وبالجهاد و هذا أسلوب السيد قطب و القاعدة، و إما باستراتيجية الإخوان وهي أخذ السلطة أينما أمكن،بعد أن تبنى في البلاد التي تأصلوا فيها قاعدة شعبية أصيلة.إ نها استراتيجية على المدى البعيد.
هل تعتقد أنهم خسروا الحرب بطريقة ما؟
لا أبدا،لن يقولوا شيئا كهذا.. كانت الضربة قوية بالتأكيد..هنا ك سابقة في 1954 واستطاعوا النهوض منها.لن يعترفوا بالهزيمة أبدا ولهم الحق في ذلك.
الإخوان المسلمون فكرةوالفكرة لا تموت…هكذا.
هل فوجئؤوا بتخلي الدعم الشعبي عنهم؟
نعم، لأنهم نسووا شيئا مهما،المصريون تقاة ،و قد حافظ الدستور على الشريعة ولكنهم أيضا و طنيون وتلك فكرة
غريبة عن الإخوان.انهار البلد تحت حكمهم،قلت المواد الغذائية، ، نقص الوقود و انقطع الكهرباء بشكل متكرر.كانوا في حالة إنكار للواقع وفي نظرية المؤامرة اليهودية الغربية العسكرية اقبطية…الخ
هل للإخوان حضور مهم في أوربا؟
لا يستهان به، وقد بدأ في الخمسينات، مع إنشاء مسجد مييونيخ بفضل نا زيين دخلوا الإسلام.في هذا الوقت ،كان الأمريكيون يلعبون ورقة الإسلام لمحاربة الشيوعية.بعثوا سعيد رمضان،والد طارق، لتوجيه المسجد وإنشاء شبكة جمعيات في أوربا. سنجده بعد ذلك حاضرا في كل القارة،انجلترا، بلجيكا ، فرنسا وخصوصا في اتحاد المنظمات الإسلامية لفرنسا المكلف أيضا بتكوين الأئمة.
هل تعتقد أن هناك صلة بين هذا الأمر وانتشار اللاسامية في بعض الأوساط االمسلمة الفرنسية؟
الأمر وارد، ولوأن أسباب هذه الظاهرة متعددة. يجب أن نوضح أن ديودوني5 ليس صديقا للإخوان. لا تنسوا أنه ممول من ايران وأن الحرب في سوريا قد فعلت من جديد المعارضة بين الشيعة المؤيدين للحكم العلوي و الجهاديين السنيين.
اتخذ ت الهيىآت السنية موقفا من ديودوني؛ و بالنسبة لاتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية، فإنه حذر منذ منعت السلطات الفرنسية كلا من صفوت حجازي و يوسف قرضاي من حضور التجمع السنوي للاتحا د ي في البورجي بسبب تصريحات معادية للسامية.
Frères musulmans, enquête sur la dernière idéologie totalitaire, de Michaël Prazan, Grasset, 432.
Vladimir de Gmeline
Einsatzgruppen, les commandos de la mort nazis (Seuil, 2010
Une histoire du terrorisme (1945-2011) ,Flammarion, 2012
Dieudonnée