فوزية.. «بيَّضَت» وجه الصومال السياسي
” وكالة أخبار المرأة “
ثاني وزيرة خارجية على المستوى العربي، تأ تي من جمهورية الصومال، فهذا البلد المنكوب بحربه الأهلية منذ التسعينات أنصف المرأة من حيث التمثيل السياسي في المناصب الحكومية، في حين احتلت مصر رائدة العمل البرلماني وحقوق المرأة اسوأ دولة عربية باحترام تلك الحقوق، وبذلك احتلت معالي وزيرة الخارجية السيدة فوزية يوسف حاجي آدن «وجها في الاحداث».
بعكس ما يكتب ويقال، فأول وزيرة خارجية شغلت هذا المنصب كانت الناهة بنت حمدي ولد مكناس، من موريتانيا، فهي تستحق ان يسجل اسمها كأول وزير خارجية في العالم العربي وفي حكومة رئيس الوزراء مولاي ولد محمد الأعطف، وهي من عائلة سياسية عريقة، والدها وزير خارجية اسبق، وتقود حزب الاتحاد من اجل الديموقراطية والتقدم.. وهكذا سبقت موريتانيا والصومال وهما البلدان اللذان يعانيان ظروفا اقتصادية وسياسية صعبة واضطرابات امنية، باقي دول المغرب والمشرق باعطاء المرأة حقوقا سياسية ومدنية لم تحظ بها في المنطقة الأكثر تقدما.
■ معالي الوزيرة الأكثر إثارة من بين الوزراء الجدد، فهي قادمة إلى مقديشو من «الصومال لاند»، وهو اقليم مستقل عن جمهورية الصومال المركزية، لكنه يفتقد أي تمثيل دبلوماسي أو اعتراف، تسعى للتقريب بين الطرفين، وان كانت مهمتها محفوفة بالمخاطر، وهي لا تملك صفة تمثيلية لذاك الإ قليم سوى انها أحد ابنائه.
■ ستجلس على مقعد جمهورية الصومال اثناء مؤتمر القمة العربي ــ الإفريقي، وفي عينيها كلام من نوع العتاب على اشقائها العرب.. تركتم الصومال وتخليتم عنه في حربه الطاحنة والدموية، وذهبتم الى مكان آخر، وكأن بلادي ليست عربية، واليوم آتٍ إليكم من موقع المسؤولية لأخاطبكم ان تمدوا يد العون لبلدي لإنقاذه من هذه الحرب.
■ مضى عليها في هذا المنصب حوالي السنة، ولا يعرف متى تستقيل حكومة رئيس الوزراء السيد عبدي فارح شرودن سعيد، فلا يكاد يأتي رئيس إلا ويخلفه آخر، بحيث بات من الصعب معرفة من هو رئيس الحكومة ومن هو رئيس الجمهورية، وايا كانت احوال وظروف هذا البلد السياسية، فإنه قدم امرأة لتتولى حقيبة الخارجية، التي احتكرها الذكور في العالم العربي.
■ سيتسابق الوزراء العرب للإ اشادة بها، عندما تلتقي بهم في قاعات المؤتمر، فهي ثاني سيدة تشغل منصب الخارجية منذ تأسيس جامعة الدول العربية، فقد تخطف الأ ضواء من أقرانها، بعد ان انصف الصومال «الجنس اللطيف»، الذي يمثل نصف المجتمع، بالرغم مما يعانيه هذا البلد من نفوذ ديني متشدد وأصولي، وعادت قبلية وعشا ئرية في غاية الصرامة والانتقاص من حقوق المرأة.
■ معالي الوزيرة فوزية آدم أ ضافت اسمها إلى قائمة الوزيرات العربيات اللاتي سبقن الصومال بسنوات وهن في مناصب اخرى، كوزارة الشؤون والتخطيط والتربية والسكان، أي يغلب على الوزارات الطابع الخدمي، فمصر عرفت توزير النساء منذ الخمسينات، وكذلك لبنان والاردن، ومؤخراً الكويت والإمارات.
■ بتوزيرها وشغلها لمقعد وزارة الخارجية فتحت صفحة جديدة في تاريخ الصومال، «بيّضت» وجهه السياسي الذي أصابه الكثير من التراجع والتناحر والتقسيم والتخلف، وما زال يعاني منها.
وهذا حدث تاريخي لبلد مثل الصومال، وقفت الى جانبها وزيرة التنمية والشؤون الاجتماعية وهي السيدة مريم قاسم أحمد.. وفي كل الحالات ينظر إلى تعيين السيدة فوزية كانتصار سياسي نالته المرأة الصومالية.
■ الوزيرة فوزية من دولة تعتبر واحدة من البلدان التي تتصف بأدنى معدلات معرفة القراءة والكتابة، والنساء فيها بحاجة إلى التعليم، لوقف الاستعباد والاستغلال المستمر الذي يعانين منه، خاصة في ظل الحروب والأزمات.
■ خرجت أصوات نسائية بعد توزيرها، تسخر من دور الرجل وامكاناته في مواجهة المصاعب والمشاكل السياسية، التي يعاني منها هذا البلد العربي الافريقي. فقد فشل الرجال، وجاء دور النساء بتصحيح وضع الصومال، وهو أ مر ما زال على الورق، وان كن – اي اصوات النساء الصوماليات – يعتبرن أنهن «أكثر أمناً وشفافية لساسة كثيرين، ظلوا على مدى زمن طويل داروها بالفساد واختلاس المال العام»، كما تقول الناشطة آمنة عبدالقادر.
■ بعد اختيارها وتعيينها، جاءت تعليقات المغرين والمشاركين منهم في وصفها بأنها «امرأة عظيمة أظهرت قدرات قيادية، فلكي تنجح الصومال يجب ان تكون فوزية وراء هذا النجاح».. وآخرون رأوا «نور الأمل ينبعث من رجال ونساء وطنيين، دعونا نعطهم الوقت».
■ رسالتها التي رغبت في ايصالها الى العالم كانت «ان الصومال بلد مستقل، أتيحوا لنا الفرصة لادارته بحريّة». وأضافت: «يمكننا ان نحكم بصفتنا دولة مستقلة»، وعند سؤالها عما فعلته بتحسين صورة بلادها اجابت: «قمنا بتحسين علاقتنا مع كينيا واثيوبيا، ومتفقون على أهمية ان تتعا يش البلدان المتجاورة في سلام وتعاون».
■ قدمت جردة حساب لما أقدمت عليه خلال الأشهر الستة الاولى من توزيرها بالقول: «اثبتت انه يمكن للمرأة ان تنجز الأعمال، كما انني احدثت تغييراً كبيراً في شكل السياسة الخارجية الصومالية، لا يمكن للطير ان يحلّق بجناح واحد، لذا يجب ان يعمل النساء والرجال في المجتمعات «الناجعة» معاً والاستفادة من مهارات النساء».
الاسم بثلاث لغات
هناك من يكتب اسمها بالعربي، فوزية يوسف حاجي آدم، وآخر يكتبها فوزية يوسف حاجي عدن وثالث يترجمها الى فوزية يوسف حاجي آدن.. وبالانكليزية تكتب Fowsiyo Yussuf Haji Aadan اما باللغة الصومالية فتكتب هكذا Foosiya Yusuf Xaaji Aadan.
أول وزيرة عربية
تعتبر نزيهة جودت الدليمي اول امرأة تتسلم منصب وزيرة في العالم العربي، وهي احدى رائدات الحركة النسوية في العراق، وشغلت منصب وزيرة البلديات عام 1958، وكان لها دور في انشاء «ضاحية الثورة» (شرق بغداد)، وتسمى حالياً مدينة الصدر، وكذلك في صياغة قانون الأحوال الشخصية.
من أين جاءت؟
«صومال لاند» منطقة حكم ذاتي، عاصمتها هرجيا، تقع في شمال الصومال (3.5 ملايين نسمة) تعتبر نفسها دولة مستقلة (1988)، ولكنها لا تحوز اي اعتراف دبلوماسي، وهي تمثل اقليم الصومال البريطاني، الذي كان مستقلاً عام 1960 قبل الانضمام مع بقية الأقاليم لتشكيل جمهورية الصومال الحديثة.
أصغر امرأة تولت الخارجية
من الوجوه النسائية الاسلامية التي احتلت موقعاً لافتاً في وسائل الاعلام أخيراً هي حنا رباني خار، وزيرة الخارجية الباكستانية، التي عينت في هذا المنصب في شهر يوليو 2011، واستمرت الى مارس 2013، وكانت اول امرأة واصغر من يتولى وزارة الخارجية الباكستانية.
الحوار المتمدن