انت هنا : الرئيسية » الواجهة » في الذكرى العاشرة لرحيل إدوارد سعيد..

في الذكرى العاشرة لرحيل إدوارد سعيد..

ترجمة بوطاهر لطيفة

latefa

نتذكر –وقليلا ما ننسى- هذاالغائب الحاضر ونستحضر، المفكروالناقد الأدبي والموسيقي ،السياسي صاحب قضية ظل يناضل من أجلها حتى الرمق الأخير؛ و يصعب القيام بمسح شمولي لإرث فكر من يعتبره البعض “أعظم  شخصية في الجمهورية العالمية للمفكرين”.

نتذكر الإنسان “المقيم بين ثقافتين” ، من وجد”المنفى هوة قسرية”وقا ل”أيا كانت انجازات المنفى فإنها خاضعة على الدوام لإحساس الضياع”. نستحضر أيضا مواضيع تناولها بمنهجية معرفية نقدية كالاستشراق، الاختلاف الثقافي،  علاقة السلطة بالمعرفة ،المثقفون والسلطة.

يدعو المثقف لمواجهة السلطة ويعتبر التبعية لها  أسوأ تهديد لحياة فكرية نشطة و أخلاقية، ويرى أن” المثقف هو من يجازف بنفسه كلية على أساس نقدي،  يرفض و مهما كان الثمن ،الصيغ السهلة و الأفكار الجاهزة..”.

أسس بكتابه”الاستشراق” لما بات يعرف بالدراسات ما بعد الكولونيالية ولنوع من المرافعة الفكرية العقلانية حول  العلاقة بين الامبريالية السياسية و الثقافة .

هذه العلاقة التي أنتجت هذا الاستشراق  وجعلت منه خيرنموذج  للتفاعل بينهما، وحولت الشرق لذات مضادة  تقوي الهوية الغربية؛ بدا الشرق من خلال الاستشراق عبا رة عن منظومة تمثلات مجسدة  لأوهام عن الآخر قصد السيطرة عليه .

تعرض إدوارد سعيد لانتقادات  كثيرة رأت في نقده للاستشراق رغبة مفكر فلسطيني في تصفية حسابات سياسية مع الغرب ،متناسية ما طرحه من مواضيع معرفية مهمة   يتضمنها هذاالمقتطف-الذي ترجمته- من حوار طويل تحت عنوان”بين ثقافتين”،أجراه  مع إ لينور واشطل في تورونتو بكندا سنة 1996.

Sans titre

-إلينور:الإستشراق” من أكثر كتبك تأثيرا،تحلل فيه الطريقة التي يصور بها الغرب و يتصور من خلالها العالم العربي و الشرق. و في العموم فإن هذا التصور سيئ.

إ.سعيد:كل تمثل  يعد سيئا بطريقة أو بأخرى. في “الاستشراق” أتحدث عن المصالح من هذا التمثل الغربي للشرق، إنها مصالح السيطرة الأمبريالية و امتيازات السلطة.حاولت أن  أظهر أن غزو الشرق الذي بدأ مع حملة نابوليون في نهاية القرن الثامن عشر و استمر مع التقدم الفرنسي البريطاني في الشرق قد شكل هذا التمثل.

وهذا التمثل أ بعد ما يكون عن الموضوعية و العلمية ،وهو ما تعود  عليه العديد من أساتذة الدراسات الشرقية طيلة القرن التاسع عشر، وخصوصا الألمان و الفرنسيون و البريطانيون.كانت حقيقة وظيفة سلطوية و مراقبة مستمرة لشعوب تراد السيطرة عليها.

-إلينور: ولكن ماهي الضرورة من خلق تصور نتج عنه كاريكاتور عن مشرق  غامض، عن شرق  مكتنف با لأسرار، وعالم عربي شرير و مرعب؟

إس. أعتقد أن الجهل قد لعب دورا كبيرا .منعت العداوة ما أسميه بالتبادل الطبيعي بين ثقافتين.شيء قد لا يصدق،هناك استمرار للمحدودية  في النظرات الأوربية للإسلام في القرون الثامن عشر، التاسع عشر و العشرين:وهي –وبكل بساطة-لم تتغير.وقبل كل شيء ، فإنني أوضح أنه لا يوجد إسلام واحد، يوجدعدد كبير من المسلمين وتفسيرات  مختلفة للإسلام و يشكل هذا موضوع كتاب عنوانه”تغطية الإسلام”.يوجد دائما ميل لتحويل الآخر  إلى شئء  أحادي و متجانس.إنه جهل ولكن أيضا خوف لأن الجيوش العربية غزت أوربا و هزمت في القرنين الرابع  و الخامس عشر. و هذا سبب قديم، و هناك أيضا انتماء المسلمين للثالوث  الموحد. الإسلام هو آخر الديانتين الموحدتين: اليهودية و المسيحية، وإلى حد ما، يشكل القرب الجغرافي بين أوربا و العالم الإسلامي مصدرا للقلق.

أبسط شئء بالنسبة للناس  هو تقديم  ما هو مختلف بأنه خطير ومرعب و اختزاله في كليشيهات.

ما يحزن حقيقة هو أن حكاية خلق هذا الشرق تعني استمرارا للإفقار لحد أن ما يمكن قراءته الآن في الصحافة الغربية يعد تبسيطا فظيعا و تكذيبا  لإثنين أو ثلاثمائة سنة من التقارب بين الأوربيين ،و إلى حد أقل الأمريكيين، و العرب والمسلمين. و كأنهم ظلوا من كلا الجانبين متعارضين بخندق هائل  ولم يكفوا عن رمي بعضهم البعض الآخر بقوت متعفن.

إلينور :  أليست الأمور في طور التغيير؟-  

إ.سعيد:  على العكس،أعتقد أن الأمور تتفاقم. في وقت الأزمات كما في حرب الخليج  و بملاحظة الطريقة اليومية التي تناولها بها لإعلام الأمريكي؛ فإن الكليشيهات تصبح قليلة الصحة والتسامح ولا تطابق حقيقة إنسانية مقبولة.

الإسلام في الغرب هو آخر  صورة نمطيةعرقيا و ثقافيا يقبل استعمالها دون الخوف من أية عواقب.

 إلينور :  ولماذا هذا الوضع؟إ

 إ.سعيد:    هناك أسباب كثيرة لهذا ولكني أعتقد أن السبب الرئيسي هو غياب قوة مقنعة.

عمليا لا يوجد غربي أو با لأحرى أمريكي يعرف العالم الإسلامي، إنه بعيد و صحراوي با لأساس، فيه خرفان و جمال و أناس يحملون السكاكين بين أسنانهم، إرهابيون…..إلخ

لا تحمل الروايات و الكتب الصادرة با لإنجليزية أي اهتمام بالموروث الثقافي ولا يوجد شيء يمنع الناس من قول ما يريدون. ومن جهة أخرى، فإن العرب و المسلمين لم يفهموا أبدا السياسات”التمثلية” أو التمثل الثقافي في الغرب.

أكثر النظم السياسية في العالم العربي ديكتاتوية  لاشعبية، أنظمة أقلية بشكل أو بآخر.

لا يهتمون بالتواصل خوفا من الانتقادات المبررة؛ وتوجد في العالم  العربي أ يضا أساطير و خلفيات سلبية حول الأمريكيين:  كلهم مهووسون بالجنس،كثيروا  الأكل و ذووا أرجل كبيرة…

والنتيجةهي وجود  فراغ محل  الحضورالإ نساني ،و حيث يجب وجود تبادل،حوار وتواصل، يوجد شكل متخلف من اللاتبادل.

حوار “بين ثقافتين”، تضمنه كتاب”في ظل الغرب” ويشمل ثلاث مقابلات  لإدوارد سعيد باللغة الفرنسية

صدر عن دار النشر : بلاك جاك

عن الكاتب

عدد المقالات : 1687

تعليقات (2)

أكتب تعليق على dillards wedding dresses

الصعود لأعلى