انت هنا : الرئيسية » الواجهة » التقاليد والحداثة في الأدب اليمني: تحليل الناقد حاتم الشماع النقدي لرواية “الكبش اليماني الفحل” لحميد عقبي

التقاليد والحداثة في الأدب اليمني: تحليل الناقد حاتم الشماع النقدي لرواية “الكبش اليماني الفحل” لحميد عقبي

باريس ـ لندن ـ خاص: تأتي أحداث رواية (الكبش اليماني الفحل) للكاتب اليمني حميد عقبي في قالب فانتازي مرعب، بحسب إشارة الناقد الأكاديمي المصري د. منير فوزي، في تقديمه للرواية، ويوضح أن أحداثها تدور في المستقبل وتحديدًا عام 2052م في إطارٍ تراجيكوميدي أو المأساة الساخرة، محذرةً من زوال الدولة اليمنية التي انشغل رجالاتها بملذاتهم عن تحقيق مطالب الأغلبية من الفقراء والمعدمين. وحين تتراجع بطولات الأفراد، يتولد بديل عنها بطولات أخرى تُعزى لذلك الكبش الفحل، الذي يُشاع أنه دخل في مرعى لأهل الجن، فرضع من شياه الجن؛ وجاءت التحولات سريعة، فأصبح الكبش يركض ويقفز ويهاجم حتى الكلاب المخيفة والمتشردة الشريرة، وهكذا تخلصت القرية من شرّ تلك الكلاب التي طالما كانت تهجم كالذئاب المتوحشة على الدجاج والأغنام، متلذذة باغتصاب إناث الكلاب المنزلية.

هذا الكبش يتحول إلى معجزة، حيث إنه قوي جنسيًا ولحم الخرفان من صلبه يحمل قوة جنسية ساحرة. ينمو هذا الكبش في قرية تهامية يمنية فقيرة، ويعتني به وحيد، شاب مراهق ريفي، يستثمر الكبش بطرق مادية. وفي النهاية، يستولي عليه الرئيس  ويستخدم اللحم الساحر لشراء ذمم المعارضين، ثم يبيعه بمليارات الدولارات لإحدى الدول. يموت الكبش عندما يُنتزع من أرضه، ويسقط نظام الحكم. وفي النهاية، يتم جعل اليمن لكل البشر وإنقاذهم من التحول إلى زومبي، حيث يكتشف العلماء أن أرض اليمن هي المنقذ الوحيد للبشرية، وأنه يجب أن يزور كل إنسان أرض اليمن وإلا سيتحول إلى زومبي.

نستعرض في هذ التقرير تحليل الناقد د. حاتم الشماع في دراسة خاصة عن هذه الرواية، نشرها باللغة الإنجليزية، يذهب إلى نقاط وعناصر متعددة. نوجزها في هذا التقرير الذي تناول هذا المقال تحليلًا نقديًا لأهم محاور الرواية، مثل بنية السرد، تطور الشخصيات، وأبعادها الفلسفية، مع التركيز على كيفية إسهام هذه العناصر في بناء تجربة روائية ملفتة للانتباه وتستحق القراءة والتأمل. حميد عقبي يوظف تقنيات السرد السينمائي والفن التشكيلي والمسرحي في كتاباته الروائية والقصصية.

بنية السرد والأسلوب

يشير الناقد الشماع إلى أن الرواية تمتاز ببنية سردية غير خطية، واعتمدت على التنقل بين الفلاش باك والأساطير والأحداث المعاصرة، مما يضفي على النص عمقًا ثقافيًا، ويساعد على تصوير تعقيدات المجتمع اليمني. نفهم من ذلك أن الرواية تشتغل أيضًا على الحاضر البائس ليمن غير سعيد، تعصف به صراعات وحروب وفساد يدمر ما تغفل عن تدميره الحرب.

يتحدث الناقد عن اللغة في الرواية، ويشير إلى أنها جمعت بين الوصف الشعري والحوار العامي، وهذا عزز من واقعية الأحداث ومنح القارئ شعورًا قويًا بالمكان. الرمزيات والدلالات والمجازات، مثل رمز “الكبش”، تبرز كأدوات أساسية لتجسيد القوة والخصوبة والتقاليد.

الموضوعات الرئيسية

من وجهة نظر الناقد حاتم الشماع، توجد أربعة مواضيع مهمة في رواية عقبي ولخصها كالآتي:

التقاليد والحداثة:

الرواية عكست صراعات متعددة ونشطة بين القديم والجديد، حيث يُصور “الكبش” كرمز للتقاليد العريقة الريفية في منطقة تهامة اليمن، وبالذات محافظة الحديدة، لكنه يتحول في الوقت ذاته إلى سلعة في العالم الحديث، ويستغله النظام الفاسد من المحافظ إلى رئيس الجمهورية. يشير الشماع إلى أن طقوس أهل القرية في الرواية مرتبطة بالخرافات. ويوضح عقبي، عبر مشاهد متعددة، مدى تغلغل التقاليد في حياتهم اليومية وقيمة المقدس، مثل زيارة ضريح الولي عجورة ضمن طقوس حفل الزفاف.

الخرافة والإيمان:

الخرافات تلعب دورًا مركزيًا في الرواية في تحديد سلوك الشخصيات وقراراتهم. إيمان القرية بالقوة السحرية للكبش يسلط الضوء على تأثير الأساطير في تشكيل القيم والسلوك الاجتماعي. نفهم من تحليل الشماع أن عقبي يجعل من هذه العناصر مصدرًا للحلم والسلامة النفسية في ظل واقع يمني مثخن بالألم والفساد والقمع.

القوة والسيطرة:

بحسب رأي الشماع، تستعرض الرواية ديناميات السلطة من خلال رمزية الكبش كأداة للتحكم والهيمنة، خاصة في سياقات السلطة الذكورية والهياكل الاجتماعية التقليدية.

الفرد والجماعة:

يشير الناقد إلى أن رواية “الكبش اليماني الفحل” أظهرت وصورت صراع الشخصيات بين طموحاتهم الفردية والتوقعات الجماعية، خصوصًا بين الأجيال الجديدة التي تحاول التوفيق بين القيم التقليدية والتطلعات الحديثة.

خاتمة التقرير

تُجسد رواية “الكبش اليماني الفحل” للكاتب اليمني حميد عقبي عملًا روائيًا عميقًا حاول تسليط الضوء على التحديات التي تواجه المجتمع اليمني في مفترق الطرق بين التقاليد والحداثة، وتحديات الواقع المثخن بالحروب والمآسي. من خلال أسلوب سردي غني بالرمزيات، وشخصيات تتصارع مع أسئلة وجودية ومعقدة، سعت الرواية، بحسب رأي الناقد حاتم الشماع، لتقديم قراءة فلسفية واجتماعية تستكشف دور الخرافة، القوة، والتقاليد في تشكيل الهوية الفردية والجماعية. تحليل الناقد حاتم الشماع أبرز البنية السردية المبتكرة للرواية وأبعادها الفكرية التي تدعو القارئ للتأمل في تأثير الماضي على الحاضر والمستقبل. اعتبر الشماع أن هذه الرواية إضافة مميزة للأدب اليمني الحديث، كونها جمعت بين العمق الفلسفي والطابع الإنساني لتحليل الواقع، مما يجعلها عملًا يستحق النقاش والدراسة.

رابط موقع الناقد د.حاتم الشماع

عن الكاتب

عدد المقالات : 1669

اكتب تعليق

الصعود لأعلى